للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مختار الصحاح]

وقيمة العناية به

للأستاذ حسن السندوبي

يحلو لمشيخة في وزارة المعارف، بلغوا فيها بمضي الزمن المراتب ذات الألقاب الملحوظة، أن يشيروا على الوزارة بطبع بعض كتب المتقدمين ليضعوا عليها أسمائهم بعد أن ينظروا فيها ويقوموا أودها ويصححوا أغاليطها، وأن يكون من ذوي الشأن في الوزارة المبادرة إلى إجابة طلبهم مع منحهم الأجر الحسن، وإخراج تلك الكتب في معرض من الطبع الجميل.

وقد قام بعضهم بمراجعة طائفة من هاتيك الكتب وتصحيحها ونالوا أمنيتهم في وضع أسمائهم عليها بعد أن استولوا على المكافأة المرضية والثناء الحسن. غير أن الكثير من هذه الكتب قد صدر دون أن يكون حظها بالقائمين عليها مقارناً للتوفيق، ودون أن يكون القائمون عليها قد أدوا الأمانة العلمية، فلم يحسبوا أن إبلاغ الإخلاف تراث الأسلاف خالياً من الشوائب بريئاً من المعايب، من أفضل الخلائق الكريمة.

وحسب القارئ أن يعلم أن من هذه الكتب كتاب (مختار الصحاح) فقد أصدرته وزارة المعارف بعناية بعض رجالها فجاء عيبة الأغاليط وجعبة الأباطيل. لم يعن فيه العناية الكافية في قيد الكثير من كلماته حتى تصحف منها ما تصحف، وتحرف من عباراته ما تحرف. وإذا علمت أنه كتاب لا يستغني عنه طالب، وكثيراً ما يفتقر إليه الدارس، علمت أي جناية تجنى على اللغة العربية تحت سمع وزارة المعارف وبصرها. وما ظنك بكتاب هو عدة المعلم وعمدة المتعلم في تحرير الكلمات، وضبط الألفاظ اللغوية، يخرج إلى الناس في هذا التشويه والإهمال! ولا يكون همّ القائمين عليه إلا الإسراع في عرضه بالطبع لينساب المال إلى جيوبهم دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة المراجعة والمعارضة، أو يتمثلوا بشيء من مثل التقوى في العمل والإخلاص في حسن القصد!

تفضل صديقي العلامة الأستاذ أحمد العوامري بك بإهدائي نسخة من هذا الكتاب في طبعته الرابعة لسنة ١٩٣٨، وقد كتب عليها بالطبع أنه عنى بتصحيحها وتنقيحها وإكمال ضبطها وتعليق بعض حواشيها سنة ١٩١٦، أي منذ أربع وعشرين سنة، وهو إذ ذاك في سن القوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>