للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكرى الجهاد الوطني]

للأستاذ عبد الكريم غلاب

تستقبل مراكش ذكرى جهادها الوطني وهي أشد ما تكون حماسة وأقوى ما تكون إيماناً بعدالة قضيتها، وأحقيتها في أن تنال حريتها واستقلالها، كاملا ناجزاً، غير مشروط بقيود، ولا مغلل بأغلال.

وتستعرض الأمة المراكشية في هذه الذكرى السنوات الأربع التي مرت منذ أن قدمت (وثيقة الاستقلال) في ١١يناير من سنة ١٩٤٤ فتجدها حافلة بالكفاح المجيد من اجل حرية الوطن واستقلاله.

وتتلفت حول نفسها لترى ما قطعته من أشواط في سبيل هذا الكفاح فتجد نفسها وقد تقدمت قضيتها إلى الأمام، حتى أصبحت من القضايا العربية الهامة في المحيط العربي، والمحيط الدولي. كما أصبح مركزها في داخل البلاد أقوى من أن تقف فرنسا أمامه مكتوفة اليدين، تنظر إلى نفوذها يتحطم، ثم يتقلص ثم يصبح مهدداً بالزوال بين غمضه عين وانتباهها.

أليس في ذلك كله ما يجعل مراكش تستقبل هذه الذكرى وقد تضاعف إيمانها بأن الحق سيتغلب وإن أعوزته القوة المادية؛ وسينتصر وإن تغلبت عليه قوة الشر وطغيان الرجعية الاستعمارية، وتجمد عقلية المسيطرين على هذه البلاد.

لقد كانت الأمة المراكشية تكافح في صمت، وتناضل في شجاعة، وسيف المعتدين مصلت فوق رؤوس الأحرار، وسياط الرجعيين تلهب ظهورهم، وأبواب السجون مفتحة في وجوههم، والمنافي السحيقة معدة لاستقبالهم، والعالم كله في غفلة عما يجري في هذه البلاد النائية من ظلم واضطهاد وقال تشريد، وأبواق المعتدين تبشر العالم بما قدموه للإنسانية وللحضارة البشرية وللديانة الإسلامية من خير وبركة، في هذا البلد الذي أسعده الحظ فوقع تحت سيطرتهم، وشملوه برعايتهم وحمايتهم.

ولكن مراكش الحية المكافحة تحدت كل هذه القوى - والحرب مشتعلة الأوار - وأعلنت عن مطالبتها بالاستقلال التام، واتحدت كلمة أبنائها حول هذه الغاية. فكانت الدهشة التي غمرت الفرنسيين، وكان الانتقام الذي دفعتهم إليه جراحهم الدامية التي سببتها الهزيمة المنكرة. وكانت مدافعهم وعتادهم الحربي وجيوشهم - البيض منهم والسود - في خدمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>