للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في الإنسان تبتدئ الأعراض بهبوط عقلي وخوف شديد وهلع وترديد الكلام اللغو. ثم الهياج العصبي والاضطراب الجسدي. ثم تفقد الشهية للطعام ويستمر الأرق والصداع والشعور بما لا يطاق من الاضطراب الفظيع.

ثم يتعذر الازدراد بسبب شلل الحلقوم والبلعوم إلى أن يستحيل البلع، فيكره المصاب السوائل ويخاف منها وينزعج من رؤية الماء ومن سماع خريره من صنبور. ويصبح حساساً جداً لكل باعث خارجي أو حركة أو صوت أو منظر.

ثم يتشنج ويتلوى ويمتد الشلل إلى أطرافه وأحياناً يشخر ونخر فيحسبه المشاهدون نابحاً أو عاوياً. وأحياناً يعض أي شيء، ولكن لا يلبث أن يرتخي فكه الأسفل ويتدلى، ويمتلئ فمه لعاباً كثيفاً لزجاً لا يستطيع أن ينفثه أو يبتلعه، وبالطبع يشتد عطشه، ولكنه لا يستطيع الشرب ولا المضغ؛ وتطرأ عليه حمى عالية. ومتى بلغت هذه الأعراض أشدها تضعضع العقل وذهب الوجدان وأشرف المصاب على الموت الساعة بعد الساعة.

ولو كان فقد الوجدان يبتدئ مع الأعراض لكان المصاب قليل الشعور بالألم ثم عديمه. ولكن وا أسفاه يبقى واعياً شاعراً متعبا إلى أن يقترب ملاك الموت. وقد تدوم هذه الأعراض يومين أو ثلاثة أو أكثر قبل أن يرحمه الله ويريحه من هذا الجحيم بسل روحه من جسده - اللهم رفقاً بعبادك - ترى لو أعطى المصاب جرعات من المورفين في العضل أما تخفف عنه هذه الآلام؟

أما وقد عرف القراء عذاب هذا الداء وعجز أي دواء عن تخفيف آلامه أو عن شفائه، أفلا يجدر بهم أن يأخذوا حذرهم من كلابهم المحبوبة ومن اختلاطه بكلاب أخرى؛ أو ما يجب عليهم أن يقضوا عليها في الحال بلا شفقة ولا أسف إذا ظهرت بعض الأعراض للطبيب البيطري سواء كانت الأعراض مشككة أو مؤكدة لئلا يقع البلاء في الأهل؟ أو ما عليهم إذا لامسهم لعاب الكلب المصاب أن يسرعوا إلى هذا المستشفى الكريم لاتقاء المرض؟

نقولا الحداد

في مراكش:

<<  <  ج:
ص:  >  >>