على أننا وقد ذكرنا أقوال بعض المؤيدين نحب أن نعرّج على أحد المعارضين وهو الأب لامانس فنناقش مقالته وننقصها ليتم لنا بذلك وجه البرهان على الرأي الذي رأيناه.
فقد كان أنكر في كتابه (ص٥٨) أن علياً كان شاعراً، واستشهد على ذلك بما ذُكر في الأغاني (ج٤ ص١٣٧ ط دار الكتب) من أنه (كان يهجو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة رهط من قريش: عبد الله بن الزبعري، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعمرو بن العاصي؛ فقال قائل لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه: أهج عنا القوم الذين قد هجونا؛ فقال علي رضى الله عنه: إن أذن لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فعلتُ؛ فقال رجل: يا رسول الله، ائذن لعلي كي يهجو عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا؛ فقال: (ليس هناك) أو (ليس عنده ذلك).
ثم إن المستشرق الإيطالي الدكتور عارض الأب لامانس في رأيه هذا في بحث نشره بمجلة (مجلد ٤ ص٥٣٦ - ٥٤٧). فقد ذهب إلى أن معنى النص المذكور في الأغاني هو أن محمداً رأى أن هجاء قرشيّ كعلي لقريش ليس من الأمور التي يتطلّبها الهجاء ليكون نافذاً لاذعاً مؤثراً، فإن هجاء غير القرشي لقريش يكون شديداً عليها ذا واقع كوقع السهام أو أشد. واستدل هذا المستشرق الإيطالي على ما ذهب إليه في هذا النص بأن الشعراء الذين كانوا ينافحون عن الرسول ودعوته ويدفعون عنه عادية شعراء قريش كانوا كلهم من المدينة أي من الأنصار مثل: حسان بن ثابت وكعب بن مالك.
فردّ عليه الأب لامانس رداً طويلاً تجده في مجلة:(مجلد ٧ سنة ١٩٢١، ص٣٢٠٣١١)، وكذلك في أول كتابه:(ص١ - ٧). ونحن سننقض هنا هذا الرد؛ ولكننا قبل هذا نورد خلاصة كلام قدمه بين يدي رده ونقول رأينا فيه، وذلك لأنه يتصل بموضوعنا من قريب
يبدأ الأب لامانس كلامه هذا بأن يقول: إن مكة لم تنجب قبل الهجرة أي شاعر ملحوظ المكانة ذائع الصيت، وإن هذه الحقيقة تقوم دليلاً على زيف ما في سيرة ابن هشام من أشعار كثيرة، كهذه الأشعار المنسوبة إلى عبد المطلب جد علي بن أبي طالب وإلى أبي