للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

ابراهام لنكولن

هدية الأحراج إلى عالم المدنية

للأستاذ محمود الخفيف

- ٩ -

يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من

سيرة هذا العصامي العظيم

وكان لنكولن يرى في هذا الطواف مدرسته التي يتلمس فيها المعرفة وأي معرفة هو أحق بها من دراسة طباع الناس والوقوف من كثب على أحوالهم بل والنفاذ إلى سرائرهم وخلجات نفوسهم؟ أي معرفة هو أحق بها من هذه وهو في غد رئيس الولايات ومحطم الأصفاد؟

لذلك كان في طوافه إذا فرغ من عمله يغشى المجالس وينطلق إلى البلاد القريبة فيسمع ويرى، ويأخذ بقسط من الأحاديث، ويدلي بآرائه إذا عن له أن يبدي آراءه في أمر ويستفهم الناس ويسألهم عن أمانيهم؛ وله مما يلقى إليه من القضايا هاد يرشده في تطلعه وتقصيه

ويظل هذا شأنه حتى ينتهي دور المحكمة فيعود إلى سبر نجفيلد وتنظر زوجه فإذا هو يدخل الباب وفي عينيه الحنين إلى زوجه وأولاده، وفي أساريره من البشر بقدر ما في جيبه من المال؛ ثم يدفع إليها بمظلة قديمة مهلهلة حائلة الصبغة يمسكها بعضها إلى بعض بخيوط ورقع، ويلقي إليها حقيبة اتخذها من رقعة بساط قديم بها من الأوراق ما ضاقت عنها جيوبه وما صغرت دونها قبعته، ويقبل على بنيه فيرفعهم على كتفيه وذراعه كالعملاق وهم فرحون يتسابقون إلى محادثته حتى لتضيع كلماتهم فيما يثيرون من زياط، وأمهم تكظم الغيظ لهذا الخروج على النظام

وكانت مدرسته في المدينة إذا فرغ من قضاياه الكتب يستوحيها، وإن له فيها لغنية ومتعة. وما تلك الكتب التي يقرأ اليوم؟ إنه شكسبير العظيم الذي رفع المرآة فانعكست فيها الطبيعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>