لانقطاع الرسالة بسبب الملاحة في الشلال شعرت بالحاجة إلى قراءتها، وذلك لما كنت أتوقعه من انقلاب في أقلامها بعد الانقلاب الذي قام به البطل محمد نجيب (نجيب الحرية والدستور) وكانت تجول بخاطري أشياء أتذوق حلاوتها وألتذ لها لاعتقادي أن أعداد الرسالة القادمة سوف تتحدث عنها، وما تلك الخواطر إلا حوادث الانقلاب والملك المطرود، وقد تكلمت كل الصحف والمجلات عدا الرسالة التي لم تصل إلي: والكلام الرسالة وقع في نفسي غير كل كلام مقروء. قلت شعرت بالحاجة للإطلاع على الرسالة، ففزعت إلى أعدادها المودعة بمحل خاص - وأنت قد تعجب إذا قلت لك إني أحتفظ بأعداد الرسالة من سنة ١٩٣٤ إلى يومنا هذا بصورة مستديمة - من قسم الإعارة لا التأخير، وتناولت أول عدد فكان العدد ٩٦٢ وفتحته فكان أول ما قرأت مقال يوازن بين شوقي وولي الدين يكن في قصيدتين قيلتا بمناسبة (سقوط السلطان عبد الحميد) بقلم أستاذنا الأديب محمد رجب البيومي، وعلم الله أني أرتاح لكل ما يكتبه، وأجد فيه متعة الروح وغذاء العقل، متعنا الله بأدبه ومد في عمره بالعافية. فعجبت كيف هيأت الصدف للربط بين خواطري بالماضي المقروء للحاضر المشهود، وقلت لو كتب هذا الموضوع قبل الانقلاب بأسبوع لقلنا إن الكاتب يشير إلى نهاية (الفاروق) بالتورية للآتي القريب، ولكن مر على المقال أكثر من سنة فلا أظنه كتب لهذا الغرض وغم أنه كان ينفع للعظة لو وجد مجده بعده، وآخر يشمت به ويشيع عهده باللعنات، بتلك القوة الممتعة في الوصف البارع للمدح والذم، ووجد مقل قلم البيومي ليوازن بينهما، فهل نجد اليوم مثل هذين الشاعرين وقد وجدنا الظرف.
ولا نريد بعد أن أشرنا إلى العدد أن نأتي بشيء من القصيدتين، فمن أراد المتعة فليرجع إليهما فإنهما أنسب ما يقرأ في هذا الظرف وهذه المناسبة.
وبعد الفراغ من هذا العدد مددت يدي فأخذت عدداً آخر فإذا هو العدد ٧٤٨ بقلم صاحب الرسالة في ٣ نوفمبر سنة ١٩٤٧ بعنوان:(يا أغنياء! قولوا أسلمنا ولا تقولوا آمنا) وقد علق به على حديث نشرته الأهرام لصاحب السمو الملكي الأمير محمد علي قال فيه: