قتل النفس بغير حق جريمة من أقسى الجرائم وأشدها إخلالاً بالأمن العام. فهي تقضي على حياة الإنسان فتسلبه صفة الوجود دون رحمة ولا شفقة. وكثيراً ما تعتمد على الغدر والخيانة، فلا يجد المجني عليه فرصة للدفاع عن نفسه والذود على وجوده.
وقد نشأت هذه الجريمة منذ وجدت الجماعة وحدث بين أفرادها تعارض الرغبات والشهوات. وورد ذكرها في جميع الشرائع والديانات القديمة، ونص فيها على عقوبة مقترفيها بجزاء يختلف شدة وضعفاً باختلاف درجة الجماعة من رقي واضمحلال.
القتل قبل الشرائع:
لم يكن لجريمة القتل جزاء محدود ولا تشريع مرسوم. ولقد حدثنا القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة المائدة:(من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل، أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) عن أول جريمة وقعت من الإنسان على أخيه، وعن أول تشريع جنائي لهذه الجريمة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال:(ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل)
القتل في التوراة:
فرقت التوراة بين الأحوال المختلفة لجريمة القتل وبين العمد منها وغير العمد، ورسمت لكل نوع عقوبة خاصة تتناسب مع درجتها في الإجرام. ومن نصوصها:(من ضرب إنساناً فمات فليقتل قتلاً؛ فإن لم يتعمد قتله بل أوقعه الله في يده فسأجعل له موضعاً يهرب منه. وإذا بغى رجل على آخر فقتله اغتيالاً؛ فمن قدام مذبحه يأخذه ليقتل. ومن ضرب أباه أو أمه يقتل قتلاً. وإذا تخاصم رجلان فضرب أحدهما الآخر بحجر أو تكلم ولم يقتل بل سقط في الفراش؛ فإن قام وتمشى خارجاً على عكازه يكون الضارب بريئاً إلى أن يعوضه عطلته، وينفق على شفائه. وإن حصلت أذية تعطى نفساً بنفس وعيناً بعين وسناً بسن ويداً بيد ورجلاً برجل وكياً بكي وجرحاً بجرح ورضاً برض).