للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حديث إلى العرب]

للأستاذ عبد المنعم خلاف

يلقى هذا الحديث، ومؤامرة الدول الكبرى على فلسطين العربية تتكشف، ونوابا الأمم الغربية الكبيرة والصغيرة ومواقفها من الصهيونية والعرب تتضح وتفتضح، ويظهر خبيئها المستور، وقد فقد العرب جميع أصدقائهم تحت ضغط المصالح التي في أيدي الدول الكبرى، والقضية الفلسطينية تجتاز دورها النهائي، بعد أن أوشك أن يتم الاتفاق الدولي على تمزيق فلسطين وتقسيمها والاعتراف بإسرائيل دولة الإرهاب، وجميع التيارات الظاهرة والخفية في اللجنة السياسية التابعة لهيئة الأمم، كلها تتجه اتجاها واحدا في مسألتين: هما أن لليهود الحق في إقامة دولتهم، وأن تكون القدس دولية يعين عليها حاكم من قبل هيئة الأمم المتحدة، وأن تتولى لجنة توفيق معينة من قبل الهيئة تحديد تخوم تلك الدولة، ويكون الباقي للعرب. وسواء اتصل العرب بهذه اللجنة أم قاطعوها، فهي ستمضي في مهمتها على ضوء ما تسفر عنه قرارات اللجنة السياسية أو هيئة الأمم.

ولم يكن - كما ترون - لعبث اليهود المتكرر بالهدنة، ولا لتشريدهم مئات الألوف من العرب الآمنين، ولا لقتلهم وسيط هيئة الأمم، ولا لافتضاح المؤامرة بينهم وبين الشيوعيين التي ثبتت بالوقائع والدلائل القاطعة، ولا لاعتدائهم المتعمد على مقدسات المسيحية والإسلام، أي تأثير في تغيير سياسة هيئة الأمم ومجلس الأمن نحوهم، بل بالعكس كلما زادوا إمعانافي انتهاك الحرمات، وإقبالا على تحطيم كرامة الهيئة، زادتهم تأييدا وتدليلا.

أما العرب، فقد تلقوا هذه المؤامرات والمكايد بصبرهم المعهود. . . فوفودهم لا تزال تجادل وتكافح في المجال السياسي الدولي بدون جدوى، وجيوشهم لا تزال تحترم الهدنة، وشعوبهم لا تزال تنتظر ما تستقر عليه قرارات حكوماتهم بعد انكشاف المؤامرة، ولم يكن هذا النضج السياسي لدى العرب الذي أوشك أن يتحول إلى احتراق وخمود، أي تأثير في المجامع الدولية والضمير العالمي الخرب بمقدار ما كان لأفاعيل اليهود واعتناقهم مبدأ الاعتماد على الأمر الواقع والتمهيد به إلى تحقيق آمالهم والتدرج به نحوها خطوة خطوة.

ولقد أعذر العرب بصبرهم إلى العالم أجمع، وسواء كانوا محمولين على صبرهم هذا، كما يحمل على السقم السقيم، خضوعاً للضرورات، وتفاديا من الوقوع في شرك المؤامرات

<<  <  ج:
ص:  >  >>