للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العُلوم

ملاءمة الكائنات الحية لبيئاتها

للأستاذ احمد عبد اللطيف النيال

مدرس النبات بكلية العلوم

تختلف الحيوانات والنباتات بالنسبة لبعضها اختلافا عظيما حسب المناطق والأجواء التي تعودت الحياة فيها. فكل كائن نشأ في بقعة اعتاد هو وأسلافه عليها وتدرع لها بخواص تكفل له المعيشة في تلك البقعة على أصلح حال ممكنة.

يعتقد أغلب العلماء الطبيعيين أن الكائنات الحية جميعها نشأت من اصل واحد وفي بيئة واحدة هي الماء. وهذا الكائن الأولى يسهل علية تهيئة نفسه للمعيشة في أي وسط يوجد فيه. تكاثر هذا الكائن ولما أن ضاقت به بيئته نزح إلى غيرها طلباً للمعيشة والغذاء. فلكي ينجح وينمو ويتكاثر لابد له أن يتأهب ويحور نفسه بطرق توافق بيئته الجديدة , استمر هذا الانتقال تدريجياً أعني من وسط مائي صرف (ويغلب أن يكون ذلك الوسط بحراً) إلى نصف مائي ثم إلى أرضي، ومن هذا إلى المياه العذبة والى الهواء. ومن المحقق أن هذا الانتقال قد تدرج على كر العصور والأحقاب في ملايين السنين. وفي أثناء هذا الصراع في سبيل الحياة كانت تنقرض هذه الكائنات التي جمدت أمام بيئتها الجديدة، وعجزت عن الملاءمة بين تركيبها وما يحيط بها - على حين نجح غيرها تدريجياً، وتشعبت أفرعه التي انتشرت في أنحاء المعمورة، وباين بعضها بعضا تبايناً عظيماً وفقدت كل شبه لأصلها ولأقاربها. ويمكن تقدير مدى نجاح الكائن الحي وسعة انتشاره بقدرته على الملائمة بينه وبين الوسط الذي يحتويه.

وقد اجتهد النبات في تكوين غذائه بنفسه واتخذ الأرض أصلا ثبت فيها والهواء وسطا تفرع فيه. ولكي يقوم بكل عمليات الحياة ولوازمها اختص كل جزء منه للقيام بوظيفة خاصة. إذ ضربت جذوره في الأرض لمسافات مختلفة وارتفع ساقه في الهواء لحمل أفرعه حيث تنوعت كذلك لحمل الأوراق التي تفرطحت وتركزت فيها مادته الخضرية لتمكنه من الحصول على أكثر كمية مناسبة من الأشعة الضوئية ومن الغازات الجوية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>