للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الابن

للكاتب الفرنسي بول بورجيه

استيقظت مدام (ليجيه) في صبيحة هذا اليوم قلقة بادية الهموم والتفكير. فقد كان عليها أن تضع حدا لحياتها كأرملة في مقتبل العمر، ولحياتها كأم ذات بنين ثلاثة. فلقد مضى على وفاة زوجها وهي إذ ذاك في الثالثة والثلاثين عامان كاملان. وكانت وفاته بعلة ذات الجنب التي غالته وشيكا من دائرة عمله كمحام له شهرة مستفيضة ومحل من قلوب الناس. ومنذ ستة أسابيع سلفت قبل هذا الصباح الذي تستفيق فيه مدام (ليجيه) حائرة مفكرة، اجترأ (جورج كولت) صديق بعلها المرحوم ومحام مثله أمضى معه سني الجامعة ثم لزم زوجها في دائرته لزوم الشريك وفي بيته لزوم الصاحب، اجترأ هذا الزميل على أن يقول للأرملة الصبية منذ ستة أسابيع:

- إني لأحمل لك أيتها السيدة منذ طويل عاطفة لم أستطع استكناهها ولا فهم طبيعتها إلا منذ اليوم الذي غادرنا فيه صديقي العزيز زوجك، فأصبحت بوفاته حرة التصرف مالكة لزمام أمرك. وأظنك كنت تستشعرين مني هذا الصمت الناطق وتحسين احترامي المراحل الفقيد وتقدرين رعايتي لك. فبسببك يا سيدتي (ومعذرة من اعترافي بهذه الحقيقة) قطعت كل صلة ترابطني بامرأة أخرى في هذه الحياة، وأنت كامرأة في ريق شبابها واكتمال أنوثتها، لك الحق بل يجب عليك أن تستأنفي حياة الزوجية السعيدة من جديد. وإذن فهل أستطيع أن آمل يا سيدتي أن تعتبريني الزوج المخلص الذي سيكون من أشهى أحلامه أن يضحي راحته وحياته لأجلك. . . إني أحبك. . . يا سيدتي، ولعلها المرة الأولى التي أسمح فيها لنفسي بنطق هذه الكلمة الجريئة على مسمع منك. . . أما أنت يا سيدتي فليس عندك إلا كلمة واحدة تقولينها في هذه اللحظة ستكون هي الأولى والأخيرة. ولكن بحقك لا تلفظيها إلا بعد تأمل في عاقبتها، فإن ما أجن لك من هوى دفين لأمر من الأهمية والخطورة بحيث لا تكفيه كلمة أو جواب يقال على استعجال واقتضاب. قالت مدام (ليجيه) وصوتها راجف وطرفها خاشع:

- أتطلب مني استئنافاً لحياتي الزوجية معك؟ ثم جمد لسانها عند هذه الكلمة فلم تأت (بلا)

<<  <  ج:
ص:  >  >>