وصى (مكدونالد) الإنجليزي الاسكتلندي من رؤساء الوزراء السابقين في بلاد البريطانيين قومه أن يحرقوه إذا هلك فاحرقوه في هذا اليوم. وحرق الميت طريقة هندية برهمية، وقد زينها (المعري) في (اللزوميات) للناس فقال الخبيث - جزاء الله جزاءه -:
فاعجب لتحريق أهل الهند ميتهم ... وذاك أروح من طول التباريح
إن حرقوه فما يخشون من ضبع ... تسري إليه ولا خفيٍ وتطريح
والنار أطيب من كافور ميتنا ... غبا وأَذهب للنكراء والريح
ومن اجل هذا وغيره اتهم الرجل بالتبرهم، ففي (لسان الميزان) لابن حجر: (من عجيب رأى أبي العلاء تركه كل مأكول ل لا تنبته الأرض شفقة على الحيوانات حتى نسب إلى التبرهم)
والبرهمي يتقرب بالحريق إلى الله. وقد يحرق بعضهم نفسه (جسمه) بنفسه وهو حي متفنناً في إحراقه، فقد قال (البديع) في إحدى رسائله:
(وربما عمد أحدهم - يعنى الهنود - فاتخذ لرأسه من الطين إكليلا، ثم قور قحفه فحشاه فتيلاً، ثم أضرم في الفتيل ناراً ولم يتأوه، والنار تحطمه عضواً فعضواً)
وغير البرهمي إنما يفر بالحرق من الله - وهل من الله (ياغر) مفر - ففي (الفائق) للزمخشري: (أن رجلاً رغسه الله مالاً وولداً حتى ذهب عصر وجاء عصر، فلما حضرته الوفاة قال: أي بني، أيَّ أب كنت لكم؟
قالوا: خير أب
قال: فهل انتم مطيعي؟
قالوا: نعم
قال: إذا مت فحرقوني حتى تدعوني فحما، ثم اهرسوني بالمهراس، ثم أذروني في البحر