كان أبن الصيرفي من كتاب الدولة الفاطمية، ومن عظماء المنشئين والمؤلفين من المصريين في عهده؛ جزل حظه من البلاغة والشعر والخط الجميل، وأخذ صناعة الترسل عن صاعد بن مفرج صاحب ديوان الجيش، ثم انتقل منه إلى ديوان الإنشاء وبه الحسين الزبدي ثم تفرد بالديوان. ولابن الصيرفي تصانيف تجعله فوق أقدار رؤساء الدواوين وكتاب الملوك والسلاطين، ومنها في الأدب والتاريخ الترسل كتاب (عمدة المحادثة) و (عقائل الفضائل) و (استنزال الرحمة) و (منائح القرائح) و (رد المظالم) و (لمح الملح) ومنها (الإشارة إلى من نال الوزارة) و (قانون ديوان الرسائل) وهذان الكتابان مطبوعان. وله غير ذلك من التصانيف منها اختيارات كثيرة لدواوين الشعراء كديوان ابن السراج وأبي العلاء المعري وغيرهما. وله شعر جيد لكنه أشتهر بالكتابة. وقد ضمن كتابه الإشارة إلى من نال الوزارة ذكر من تقدم من سفراء الدولة ووزرائها وسلاطينها، ولم ير أن يتوسع إشباع الموضوع قائلاً:(إذا كان الاستقصاء لا يليق بكل تصنيف لاسيما إذا خدم به سلطان ينفق أوقاته في تدبير دولة وإقامة سنة واستضافة مملكة، وإذا بقيت من زمانه فضلة استعجل بها جزءاً من الراحة، يستعين به على ما يستأنفه من مهماته) بدأه بترجمة الوزير ابن كلس الآمري وإليه أهدى كتابه. وفي هذا الكتاب مثال واضح من سوء إدارة الفاطميين أخرياتِ أيامهم، وما توسعوا فيه من الألقاب، وما أوغلوا فيه من المصادرات، وما كان لهم وعليهم. وكان من لوازم الدعاء الذي يستعمله أبن الصيرفي في كل سجل ورسالة وتقليد وكتاب، بل يستعمله الإسماعيلية الفاطميون عامة أن يقال بعد الصلاة على النبي (وعلى أخيه وابن عمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)
وذكر في مقدمة قانون الرسائل ما ننقله بحرفه: (ولما رأيت أولى الفطر الصحيحة،