للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

تنسيق الزهور

للدكتور أحمد موسى

ليس من الغريب أن يكون تنسيق الزهور فنا، ولكن الغريب أن يتصور البعض أن الأزاهير وما يتعلق بتنسيقها لا يهم إلا فريقا معينا من الناس؛ والحق هو أن هذا الفن الذي قد يبدو ضئيلا عند النظرة الأولى يهم كل مثقف وكل متعلم لأن الاستمتاع بمرأى الزهر في أكمل واجمل صورة له من شان الراغب في التذوق، ولا يوجد مثقف أو متعلم لا يرغب في هذا التذوق!.

والتذوق بذاته لا يتم إلا بدراية الفن ولو في أبسط معانيه وصوره، لذلك نعني في هذا المقال بإيضاح الموضوع بغية الوصول إلى النتيجة المرجوة التي تتلخص في فهم الوسائل والطرق التي يسير الناس عليها في تنسيق الزهور في بيوتهم وفي حجرات جلوسهم وغرف استقبال ضيوفهم، ينظرون إليها على اعتبارها جزءاً متمماً للجو البيتي الذي ينشدون فيه الجمال.

ولتذوق جمال الزهر تاريخه القديم وتاريخه المتوسط وتاريخه الحديث، ولكنا لسنا في مجال تاريخ الفن في هذه المرة وإنما نحن في معرض تذوق جمال الزهر نتيجة تنسيقه؛ فإذا رجعنا إلى معابد المصريين ومقابر ملوكهم رأينا عجبا، ففي ممفيس وطيبه ودندره وأبي دوس وغيرها مناظر تسجل افتتان المصريين بالزهر وإمعانهم في تنسيقه.

ولا يقل الحال شأنا عند الإغريق الذين اتخذوا من وحدات الزهر والنبات مادة لزخارفهم ونقوش مبانيهم، والرومان من لم يكونوا أقل اهتماما من أساتذتهم.

والمستعرض للفن الإسلامي يجد فيه الكنوز الحافلة بما يسجل عشق المسلمين للأزاهير، وفي اشعارهم القدر الكافي مما يؤيد ذلك، وحتى في غزلياتهم كانوا يقتبسون من حسن قوام الغصن ولون الزهر صفات طبقوها على المحبوب اعترافا منهم بما للأزاهير من جمال وبهاء.

فكأننا أمام موضوع له خطره وله قيمته! وعليه فلا بد لنا من إن نعرف كيف نحب الزهر وكيف نحافظ عليه منتعشا أطول مدة ممكنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>