والذي يجب أن نعرفه مبدئيا أنه لا يشترط لجعل الزهور بادية في أجمل وضع لها أن تكون سيقانها موضوعة داخل زهرية جميلة في ذاتها، أو قيمة من ناحيتها المادية، ذلك لأن من الجائز جدا أن تكون المشكاة بسيطة التكوين قليلة الألوان ليس فيها ما يبهر النظر، ومع هذا تكون مناسبة لإبراز معالم جمال الزهر ولفت حاسة الانتباه إليه، وهذه مسألة فاتت الكثيرين الذين يضعون الزهر في مشكاة ثمينة رائعة الألوان؛ فيطغى جمال الصناعة على جمال الطبيعة، ويكون الإعجاب والاستمتاع موزعا.
وربما كانت أبسط القواعد لمعرفة طبائع الزهر وأنواعه وعلاقة لونه بتأثيره في مكان أو ركن معين من البيت خير رائد لنا للوصول إلى الغاية.
فمما لا شك فيه أن لون الحائط خلف الزهرية ولون المائدة وكذلك لون الزهرية نفسها، كل هذه الألوان متجمعة تلعب دورا هاما في إظهار الورود والزهور في أجمل صورة وأقوى وضع لها، أو على النقيض تبعد النظر عنها وتضعف من قيمتها.
هذا إلى جانب الدور العظيم الذي يلعبه الضوء بقوته حيناً وضعفه حينا آخر، إلى جانب وقوعه على الزهر مباشرة أو انحرافه عنه.
وإذا كان لون الحائط والمائدة، والنور وزاوية وقوعه على الأزهار ذات أثر بالغ، فمما لا نزاع فيه أن مساحة الحجرة ومساحة المكان المخصص للأزاهير لا يمكن إغفالها، وهذا معناه أنه لا يجوز وضع مجموعة كبيرة من الزهور في حجرة صغيرة والعكس بالعكس.
وعلى ذلك تكون القاعدة الأولى هي التنسيق والتناسب مع المكان وليست غنى المظهر، وأنت تعلم أن شقة حجراتها معدودة في نظام فنيو خير من مبنى متسع الأرجاء لا نظام فيه ولا ارتباط بين أثاثه.
وربما كان من الضروري أن نذكر أنه لا بد من اختيار الأزهار ذات الألوان المنسجمة مع طراز الأثاث ولونه، وهذا القول وإن بدا على شيء من الغرابة فإنه صحيح، فإذا وضعت زهر عباد الشمس وهو شديد الصفرة متوهجا، داخل حجرة أثاثها من خشب الفرو وهو لون باهت أقرب إلى الصفرة، فإنك تجد هذه الزهور الجميلة فاترة ضعيفة على الفور، على النقيض وضع هذه الزهور نفسها في حجرة أثاثها من خشب المهاجوني الداكن اللون، على مائدة تعلوها سجادة داكنة أيضا، على أن تكون بالحجرة نافذة كبيرة يدخل منها نور