وأما القلعة، فمساحة واسعة جداً وأسوار عالية مشرفة من بعض جهاتها على نهر جمنة وتشتمل على مساكن ودواوين ومقصورات وقنوات. لا يحيط بها الوصف إلا في كتاب كبير مصوّر يكتبه خبير بالعمارة فحسبي أن أعرض على القارئ ما يدركه الزائر غير الخبير في زيارة قصيرة عاجلة
يلج الداخل الباب الكبير إلى دهليز فيه حوانيت للتجار ثم يدخل إلى ساحة يرى فيها ثكنات بناها الإنجليز وهي باعترافهم دمامة بين هذا الجمال، وعرّة وسط هذه الغرر.
ثم يجتاز إلى أبنية كثيرة لا أستطيع أن أذكرها على الترتيب. فأذكر الديوان العام، وهو مجلس السلطان لعامة الرعية للنظر في المظالم أو غيرها من الأمور العامة. وهو دكة من الرخام عليها سقيفة تحملها عمد من الحجر الأحمر قد أبدع الصناع في أشكالها ونقوشها وسعته مائة قدم في ستين. وكان فيه عرش الطاووس (تخت طاووس) وهو عرش يظلله ذنبا طاووسين ألوانهما من الجواهر المختلفة وفيه من دقائق الصنعة والأحجار الكريمة ما يشهد للصناعة والفن في ذلك العصر. وقد قوّمه من رآه من الخبراء بستة ملايين جنيه وقد حمل هذا العرش فيما نهب من ذخائر دهلي ونفائسها نادرشاه القائد العظيم الذي ملك على إيران بعد زوال الدولة الصفوية واستيلاء الأفغان عليها، فأخرج منها الأفغان ومد فتحه صوب المشرق إلى الهند.
وفي القلعة ديوان أصغر من هذا وأجمل منحوت كله من المرمر يسمى الديوان الخاص وفيه من النقش والتطعيم بالأحجار الكريمة ما يفتن الناظر، بجمال الشكل، ودقة الصنع. وقد بلغ فن العصر المغولي ذروته في هذا الديوان. ولا أنسى هذا البيت الفارسي الذي يزين هذا الجمال بجودة خطه وتذهيبه، ويعرب عن هذا الجلال بمعناه. وهو منقوش في أكثر من موضع من الديوان:
أجر فردوس برروى زمين است همين است وهمين است وهمين است