للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[استيلاء المغول على بغداد]

لنصير الدين الطوسي

صفحة تاريخية لم تنشر

ذكر الؤرخون على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم (حادثة سقوط بغداد) على يد المغول وافردوا لها المجلدات الضخام، ولكن الأمر الذي يستحق الاعتبار اكثر من كل شيء هو ان نقرا تفاصيل هذه الحادثة بقلم البحاثة (الخواجه نصير الدين الطوسي) الذي رافق الحملة التترية إلى بغداد وحضر الواقعة بنفسه وكتب ما رآه وما سمعه بدون تحزب كما سيتضح لك من هذه الوجيزة التي أخرجها حديثا من بين رسائل العلامة الطوسي الخطية (رسول النخشبي) أحد كتاب إيران، رأينا ان نرسل بترجمتها للرسالة لأهميتها أولا ولمناسبة ما أورده الأديب فرحان شبيلات في عددي الرسالة ٣٣ - ٣٤ - ثانيا (لما عزم السلطان (هولاكو خان) على أن يلج بلاد الملاحدة (الباطنة) سير من قبله مندوبا إلى الخليفة ليطلب منه النجدة حتى يستأصل بذلك شأفتهم ويمحو سطوتهم فبلغ الرسول الخليفة فحوى الرسالة بقوله يقول السلطان. . (إننا بعاداتنا البدوية وأسسنا القومية نستنجد بموالينا على أعدائنا، وبالنظر إلى الحب والولاء القائم بيني وبينك أرجو معونتنا بخيلك وإمدادنا برجلك، حتى ندرأ شر هذه الفئة الباغية التي أريقت بكيدها الدماء وأزهقت بغدرها أرواح الأبرياء) فاختلي الخليفة بحاشيته وائتمر مع أصحابه، فأجابه الجمع من الجنود والأمراء، بأن (هلاكو) يريد بهذه الحيلة إخلاءبغداد من العدد والعدة لتصبح في وجهه مفتحة الأبواب، خالية من الخيل والركاب، فيستولي آنئذ على المدينة بلا توجس خوف وارتياب، ونمسي على ما فعلنا نادمين. فانصاع الخليفة لرأي الجلساء وتواني في إمداد السلطان ورجع الرسول إلى سيده بخفي حنين.

ولما أن فرغ السلطان من فتح بلاد الملاحدة عائب الخليفة عتابا مرا وانذره إنذارا أليماً، فارتأى الخليفة أن يستشير وزيره - العلقمي - فأشار عليه هذا أن يحمل ما في دار الخلافة من فاخر الأثاث وزخرف الرياش على البغال المسرجة والخيل الملجمة ويقدمها هدية للسلطان، وينجو بهذه الواسطة مما يوشك أن يحدث في ملكه من التدمير والهوان، فقبل الخليفة ما شار الوزير إليه وأمر بتسجيل ما يلزم انتقاءه من الأشياء، وعين لإيصالها نفرا

<<  <  ج:
ص:  >  >>