للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خليل مطران]

١٨٧١ - ١٩٤٩

فجع العالم العربي بأفول نجم لامع في سماء الشعر والبيان، شغل الناس أكثر من نصف قرن بشعره الطريف الجديد. ولد خليل مطران سنة ١٨٧١ في بعلبك ونشأ تحت سماء سورية بين أوديتها الخضراء وجبالها البيضاء وبحرها الصافي وأمواجه المتدفقة وصخوره الناتئة، فكان لذلك كله الأثر البين في صقل خياله وتغذية روحه ووجدانه بالعواطف النبيلة والجمال العبقري. ثم قدم مصر سنة ١٨٩٢ وهو ما يزال في فورة الشباب فشب وترعرع بين آثار المدينة القديمة وأهرام مصر الخالدة، فهو شاعر بعلبك والأهرام، تغنى بوطنيه في قصائده الرائعة. وهو إذ يذكر بعلبك وآثارها، إنما يذكر أيام الطفولة المرحة والحياة الطروبة، ويحن إلى وطنه الأول ومسقط رأسه. استمع إليه في قصيدة (بعلبك) يصف آثارها وقلعتها ويتذكر طفولته:

إيه آثار بعلبك سلام ... بعد طول النوى وبعد المزار!

ذكريني طفولتي وأعيدي ... رسم عهد عن أعيني متواري

يوم أمشي على الطلول السواجي ... لا افترار فيهن إلا افتراري

نزقا ًبينهن غراًلعوباً ... لاهياً عن تبصر واعتبار. . .

إلى آخر هذه الأبيات الوجدانية الرقيقة.

وهو إذ يتغنى بمصر وطنه الثاني، إنما يتغنى بمجدها التليد وأهرامها المجيدة ونيلها السعيد وسمائها الصافية ويثني عليها وعلى كرم ضيافتها ونبل أخلاق شعبها العريق. استمع إليه يقول:

يا مصر أنت الأهل والوطن ... وحمى على الأرواح مؤتمن

أي الديار كمصر ما برحت ... روضاً بها يتقيد الظعن

فيها الصفاء وما به كدر ... فيها السماء وما بها غضن

مصر التي أخلاق أمتها ... زهر سقاه العارض الهتن

فهي التي عرفت مروءتها ... أمم ويعرف مجدها الزمن

ويقول من قصيدة (تحية الشام لمصر):

<<  <  ج:
ص:  >  >>