للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحباً أيها الوطنان إني ... وسيط العقد في هذا النظام

بلادي لا يزال هواك مني ... كما كان الهوى قبل الفطام

قدم خليل مطران مصر وعرف صاحب الأهرام واشتغل مدة في تحريرها، ثم أصدر جريدة الجوائب، وأنشأ أيضاً المجلة المصرية، واشترك في تحرير المؤيد واللواء، وناصر المرحوم مصطفى كامل في جهاده المجيد، وأتقن دراسة الأدب العربي قديمه وحديثه، كما أتقن الأدب الفرنسي مما أثر في نزعته الثورية ألي التجديد في الشعر إلى أبعد حدود التأثير. ولم تشغله صناعة الأدب، عن أعمال ليس لها صلة بالأدب، وهو في أثناء ذلك كله لم ينقطع عن نظم الشعر والتأليف المسرحي وترجمة المسرحيات. وقد تولى إدارة الفرقة القومية زهاء سبع سنوات.

ولا يهمنا في دراسة خليل مطران تلك الدراسة العاجلة إلا الناحية الشعرية منه وان كانت آثاره جميعا جديرة بالدراسة العميقة. خليل مطران صاحب مدرسة حديثة في الشعر العربي، فهو أول شاعر ثار على أساليب المدرسة التقليدية، وجاهر بمذهبه الجديد في الشعر ورأى أنه المذهب الذي سيسود في شعر المستقبل حينما أصدر ديوانه الأول؛ لأنهذا الشعر كما قال (شعر الحياة والحقيقة والخيال جميعا).

نهج خليل مطران نهجاً جديداً في نظم لشعر ونادى بمذهبه حيث قال (اللغة غير التصور والرأي، وان خطة العرب في الشعر لا يجب حتماً أن تكون خطتنا، بل للعرب عصرهم ولنا عصرنا، ولهم آدابهم وأخلاقهم وحاجاتهم وعلومهم ولنا آدابنا وأخلاقنا وحاجاتنا وعلومنا؛ ولهذا وجب أن يكون شعرنا ممثلا لتصورنا وشعورنا لا لتصورهم وشعورهم، وان كان مفرغاً في قوالبهم محتذياً مذاهبهم اللفظية). بهذا الرأي الجريء الغريب نادى خليل مطران ودعا إليه؛ بينما كان شعراء مصر في ذلك الحين يتورطون في شعر المديح والتهاني يرفعونه إلى السدة العلية والأعتاب السنية.

ومن هنا كان شعر مطران ومذهبه في النظم نقطة تحول في تاريخ الشعر العربي وانقلابا بعيد المدى، فهو بحق شاعر العربية الإبداعي، يمر شعره على أوتار القلوب فيحركها ويهز الوجدان ويثير العواطف.

(فمطران أول من عمل على إخراج الشعر العربي من نطاق الذاتية والفردية إلى باحة

<<  <  ج:
ص:  >  >>