الموضوعية وميدان الحياة. وهو أول رائد خرج على الطريق الاتباعية الكلاسيكية إلى الطريقة الإبتداعية الرومانتيكية وأن ساير الاتباعية غالبا في الأسلوب. وهو أول من أثر في شعراء الشرق سواء باتجاهاته أو شاعريته). ولعل السبب في ثورة مطران على الطريقة التقليدية في نظم الشعر هو إن هذه الطريقة وذلك اللون من الشعر التقليدي اصبح لا يعبر عن العواطف تعبيراً صادقاً ولا عما يعتلج في النفس من أحاسيس، وزاده إيماناً بذلك ثقافته الأجنبية ولاسيما في الآداب الفرنسية وهي أغنى الآداب الأوربية بالشعر العاطفي الوجداني ذي النزعة الإبداعية. لذلك لم يكن غريبا أن ينبذ مطران المدرسة القديمة العتيدة ولها أنصار كثيرون في مصر، ويأخذ بالمدرسة الحديثة قي نظم الشعر. ونلاحظ هنا أن كثيراً من الشعراء الذين أخذوا بهذه المدرسة الحديثة ونهجوا نهج مطران في الشعر بالغوا إلى أبعد حدود المبالغة وأصبح الواحد منهم على حد قول محب الدين الخطيب:(يظل يومه يسطو على منظومات الإفرنج يستل منها معانيها الغريبة عن الأذواق العربية فيصوغها بألفاظ وتراكيب يلعن بعضها بعضاً!! فلا يفهم منها القارئ العربي إلا بقدر ما أفهم أنا من الصيني!!) أما خليل مطران فهو وإن تأثر بالآداب الإفرنجية لا يزال عربيا خالصا في أسلوبه وتعبيره وصيغه، ومحل ما أدخله على الطريقة التقليدية في الشعر العربي هو التجديد الطريف في المعاني والأخيلة والموضوع. وقد ذكرنا أن مطراناً نفسه قال:(. . . وجب أن يكون شعرنا ممثلا لتصورنا وشعورنا وان كان مفرغا في قوالبهم (أي قوالب العرب) محتذيا مذاهبهم اللفظية).
فمطران إذن عرف كيف يستفيد من اللغات الأجنبية دون تقليد، وأن ينهج نهج قدماء العرب دون تقييد، فاحتفظ بصيغة العرب في التعبير، وأدخل أساليب الإفرنج في التأليف والتفكير.
ومن هنا نجد الفرق الشاسع بين هؤلاء الشعراء الذين يدعون (التجديد) وبين إمام المجددين خليل مطران.
وقد أدخل مطران على الشعر العربي لوناً طريفاً من ألوان التجديد وهو الشعر القصصي. وقد ثار البحث بين الأدباء عما إذا كان للعرب شعر قصصي أم لا. وأخذوا يتلمسون ذلك اللون في الشعر العربي القديم؛ ولكنا نستطيع أن نجزم أنه قبل مطران لم يكن للشعر