هو مع الأسف الشديد الأستاذ إبراهيم المصري الكاتب القصصي المعروف. فقد سطا على قصة أنطون تشيموف (الرهان) وأضافها إلى نفسه ونشرها بالعدد ٨٥٢ من مجلة آخر ساعة تحت عنوان (الرهان العجيب)! وقدم لها بهذا الكلام الغريب:
(هذه الحادثة الواقعية الفذة في موضوعها تعتبر من أغرب وأدهش حوادث المغامرات المثالية والعاطفية - وقد قرأت تفصيلاتها في إحدى صحف باريس فرأيت فيها صورة رائعة مفعمة بروح القوة والبطولة والتضحية فصغتها للقراء في هذا القالب القصصي)!
والقارئ العادي يفطن إلى هذه المغالطة التي يريد بها الأستاذ المصري أن يغطي سرقته. فقصص تشيكوف من الذيوع والانتشار بحيث لا نكاد نجد في القراء من لم يقرأها ولا في الأدباء من لم يحاول أن يترجمها إلى لغة الضاد!. وهذا ما فعله الأستاذ الجليل محمد كامل البهنساوي بك في كتابه (أقاصيص مأثورة) إذ ترجم قصة (الرهان) بالذات ترجمة أمينة بارعة. . . وليس بمستبعد أن يكون الأستاذ المصري قد نقل عن (الأقاصيص المأثورة) قصة الرهان ثم أراد أن يطمس معالم السرقة فحشا القصة بحوادث مفتعلة وبواعث مصطنعة واستغل أبغض شيء إلى قلب تشيكوف في مسخ القصة وهو العنف. . فإن تشيكوف ليقول:(أنني أبغض العنف في كل صوره)!. استغل الأستاذ المصري العنف فجعله عنصرا جديدا لم يكن في القصة الأصلية فأحدث معركة بين بطل القصة المحامي الشاب وبين الممول. . . والغريب في الأمر أنه جعل بطل القصة يصمد لعراك عنيف مع أنه قضى في السجن الانفرادي سنة كاملة لا يدفع إليه فيه بغير الطعام والشراب. . ولست أدري كيف لم يسلمه هذا السجن القاسي إلى جنون!. وقد كان هذا يكون أسلم عاقبة من هذا الكلام الذي أنهى به الأستاذ المصري قصته!
والمتأمل لقصة الرهان لتشيكوف يرى فيها عمقا وجلالا لا يقوى عليهما، غير ذهن جبار كذهن تشيكوف فالمحامي الشاب في قصة (الرهان) عندما قبل الرهان كأن يطمع في أن يظفر بالمال. . ولكن تشيكوف الفيلسوف الذي يرى أن كل شيء في الدنيا وهم وقبض الريح كان لا بد أن يغلب السعادة العقلية على كل سعادة مادية زائلة فجعل المحامي الشاب