لم يكد يتولى محمد علي الكبير حكم القطر المصري باسم الدولة العلية، في أوائل القرن التاسع عشر، حتى بات يتحين الفرص لبسط ظله على الأقطار المجاورة. ففي عام ١٨١٨ م انتصر على الوهابيين في الأراضي الحجازية. وفي عام ١٨٢١ م وحد بين شطري وادي النيل بضم السودان لمصر، وفي عام ١٨٣٢ م كانت بلاد الشام تدين بالطاعة والولاء لمحمد علي
وعندما توترت العلاقات بينه وبين حكومة الباب العالي سير جيوشه ليغزو تركيا ويخضعها لسلطانه، بدلا من أن يظل هو خاضعا لسلطانها! ففي ديسمبر ١٨٣٢ هزمت الجيوش المصرية الجيوش التركية هزيمة منكرة، وباتت على مسير بضعة أيام من استامبول عاصمة سلاطين آل عثمان!
لقد كان طموح محمد علي إلى السيطرة والحكم لا يقف عند حد، إذ كان يتوق إلى إنشاء إمبراطورية مصرية مترامية الأطراف لا تغيب عنها الشمس! على أن هذا التوسع الاستعماري من جانب محمد علي لم يرق الأسد البريطاني، فوقف في طريق محمد علي يزمجر غاضباً ويكشر عن أنيابه ويلوح بذيله! وتحت ضغط الظروف القاهرة اضطرت جيوش محمد أن تنسحب من الأراضي التركية قبل أن يهاجمها هذا الليث الإنجليزي الهصور، وغيره من دول أوروبا التي لا يرضيها تقدم الحكام الشرقيين في الميادين السياسية والحربية، وبهذا التدخل من قبل الدول الأوربية بات الرجل المريض (تركيا) في مأمن من مداهمة محمد علي له والإجهاز عليه لان هذه الدول الأوربية كانت تطمح في الاستيلاء على تركة الرجل المريض (الأراضي التركية) واقتسامها فيما بينها. وقد وضعت هذا الدول أيديها فعلا على معظم هذه الأملاك التركية
وفي عام ١٨٤٠ م ابرم الأسد البريطاني والدب الروسي، والنسر البروسي، اتفاقية سياسية تدعى اتفاقية لندن، فكان فيها القضاء المبرم على الإمبراطورية المصرية التي كان يحلم بإنشائها ذلك الحاكم الشرقي العصامي العظيم محمد علي. إذ قسرته هذا الاتفاقية التي تآمرت فيها هذه الدول عليه أن يتخلى عن الولايات التركية التي استولى عليها بحد السيف