للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في بلاد الشام وشبه جزيرة العرب

هذا، ولما كانت فرنسا صديقة لمحمد علي، تقف إلى جانبه وتشد أزره، فقد سلبتها هذه الاتفاقية هي أيضا حقها في الشاطئ الأيسر من نهر الرين، ومنحته لألمانيا فعسكرت فيه بعض كتائبها

ومن جراء هذه الاتفاقية التي أضاعت جزءا من أملاك فرنسا تحمس الرأي السياسي العام في باريس، حتى أن الملك لويس فيليب نفسه صرح بأنه مضطر إلى لبس القبعة الحمراء، وأن ينزع عن النمر كمامته. وهو يعني بذلك المناداة بالثورة الحربية في وجه ألمانيا

وبعد هذا التمهيد نقول: إن هذه الأزمة السياسية الدولية التي سببتها حروب محمد علي قد دعت إلى صراع أدبي عنيف بين أدباء ألمانيا وفرنسا ترك أثراً حياً في الشعر الألماني والفرنسي

قالوا إن الشاعر الألماني بيكر كان جالساً ذات يوم مع أصدقاء له في إحدى الحانات، يشرب الجعة ويطالع الصحف السياسية الواردة من فرنسا. وبعد أن رجع الشاعر إلى داره نظم وهو تحت تأثير نشوة الخمر وحماسة السياسة، قصيدته (أنشودة الرين) فما كادت تنشر حتى لحنت وراح يترنم بها الألمان في غدواتهم وروحاتهم

والقصيدة هي:

لم ينالوا الرين ذلك النهر الألماني الحر

وإن كانوا يطلبونه بنعيبهم كالغربان الجشعة!

لن ينالوه ما دام يترقرق ساكنا في ثوبه الأخضر!

وما دام هناك مجداف يضرب في مياهه!

وما دامت الصخور قائمة وسط مجراه!

وما دامت الكاتدرائيات الشاهقة تعكس خيالها في مرآته!

لن ينالوا الرين ذلك النهر الألماني الحر

لن ينالوه ما دام الفتيان الحديدو القلوب يغازلون الفتيات الممشوقات القوام!

وما دامت هناك سمكة تسبح في أعماقه!

وما دام على شفاء المنشدين أنشودة تردد!

<<  <  ج:
ص:  >  >>