أشرت من قبل إلى التقرير القيم الذي وضعته لجنة الثقافة العربية في المؤتمر الثقافي. وأرى الآن من تمام الفائدة أن نذكر بعض ما احتواه.
أخذت اللجنة كلمة الثقافة في مدلولها الواسع، وهو معارف الأمة وأدبها وعاداتها وتقاليدها واتجاهاتها الروحية والفنية. ونظرت بهذا المعنى إلى الثقافة العربية فوجدت أن من أهم مقوماتها (١) تراثها الفكري الخصب الغني الذي اتسعت آفاته لثمار الثقافات القديمة الأخرى التي احتك بها العرب في أيام نهضتهم وأثر بدوره في ثقافة العالم من طريق تأثيره في الفكر الأوربي.
(٢) أن لغة تلك الثقافة - وهي العربية الفصحى - لغة ذات تاريخ قديم متصل الحلقات، وأنها قد سايرت الحضارة وكانت أداة طيعة للعلم والأدب والفلسفة في العصور الازدهار الفكري للعرب.
(٣) أن لهذه الثقافة أدبها وفنونها وآثارها التي انطبعت بطابعها وتأثرت وترجمت عن أطوار تاريخها.
(٤) أن هذه الثقافة منذ ظهور الإسلام أصبحت تستمد أهم مثلها واتجاهاتها من الدين وتعاليمه، وأنها قد حاولت في مختلف عصورها أن تستمد من تشريعه قواعد وأساسا لحياتها الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن أدبها ودراستها الأساسية قد تأثر بكتاب ذلك الدين والحرص على حفظه وفهم أسراره.
(٥) أن هذه الثقافة تمثل فلسفة في الحياة والاجتماع أهم ما تتميز به توفيقها بين سلطة الحاكم وحرية المحكوم، واحترامها للملكية الفردية وتوجيهها للتعاون بين الغني والفقير، وعدم تفريقها بين الأجناس والألوان، وإصرارها على قسط معين من الأدب والاحتشام في حياة الجنسين (الرجل والمرأة) وتسويتها بينهما - إلا في حالات معدودة - في الحقوق والواجبات.
وتناول التقرير بعد ذلك حاضر الثقافة العربية فقال إنها منذ قرن من الزمان - دخلت في