دور نهضة - بعد مرحلة طويلة من التأخر والركود - واتجهت في ذلك اتجاهين لم تجد من كليهما بداً: الأول إحياء قديمها الزاهر، والثاني الاقتباس من معارف الغرب وعلومه. وقد لا بست تلك النهضة ظواهر أهمها ما يلي:
(١) انقسام المثقفين العرب طوائف: إحداها اندفعت نحو ثقافة الغرب دون أن تتسلح بالمعرفة الحقيقة لتراثها القديم، والثانية ظلت منطوية على نفسها عاكفة على قديمها الذي فقد أصالته في عصور التأخر، والثالثة طائفة وسط حاولت أن تزيد في ثروة الثقافة العربية بخير ما تثقفه من الثقافة الغربية. وقد أثر هذا الانقسام بدوره على الفرد فأورثته التناقص وكاد يشله عن السير في الحياة.
(٢) اضطراب الموازين الخلقية والاجتماعية في المجتمع العربي، والحيرة بين مقتضيات روح الدين والتقاليد من جهة، وما تتطلبه بعض مظاهر الحياة المدينة الحديثة من جهة أخرى.
(٣) ضعف الوحدة التعليمية في البلاد العربية لاختلاف معاهدها في ألوانها واتجاهاتها الثقافية فتعددت النظم واختلفت تبعاً لذلك العقليات والأهداف.
(٤) اضطراب المجتمع العربي بين الذوق الفني المتوارث وبين ما يفد عليه من الفنون والآداب الغربية مما نوع الاتجاهات فلم يعن على تميز طابع واضح للإنتاج الفني العربي.
(٥) انشغال الذهن العربي بمشكلاته السياسية والتعليمية والعمرانية، فلم يستطع بعد أن يفرغ كثيراً للشعور الحقيقي بكيان ثقافته وتعرف مقوماتها ومحاولة التوفيق بينها وبين ما نقتبسه من ثقافة الغرب.
ولخصت اللجنة أهداف الثقافة العربية الحاضرة، بأنها في زوجها ثقافة إنسانية، وأنها تستطيع الإقبال على الثقافة الإنسانية العصرية دون أن تفقد خصائصها ومقوماتها الجوهرية، وأن الإقبال على الثقافة العصرية ضرورة لحياتنا وسلامة أوطاننا ونهضتنا العلمية والاقتصادية، ولا ينجم عنه إلا الخير والقوة إذا ما وعى العرب خصائص ثقافتهم العربية وعياً صادقاً واعتزوا بها وتمثل فيهم روحها في التربية المدرسية وفي مناهج الحياة.