والتهجد عبادة اختيارية في الأديان الأخرى وكذلك عرف عند اليهود والمسيحيين. كان نساك اليهود يتعبدون ليلا، يقيمون الصلاة تضرعاً إلى الله وخيفة، ويقرءون شيئاً من التوراة وكانت لهذه القراءة منزلة خاصة في قلوب اليهود لما لها من ثواب عظيم. جاء في المزامير:(في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك). وجاء عن النبي داود أنه كان ينام إلى منتصف الليل ثم توقظه جرادة كانت تأتي فراشه بتأثير هبوب الرياح الشمالية فيستيقظ ويفيق ويقضي النصف الثاني في القراءة وترتيل أناشيد الرب وذكر اسم الله العظيم
وعرف عن رهبان النصارى مثل ذلك، كانوا يتهجدون ليلا ويقضون جزءاً من الليل في العبادة، وفي تاريخ الأديان كفاية لمن أراد المزيد.
والآن فما دامت الصلوات الخمس لم تفرض إلا ليلة الإسراء فكيف كان يصلي الرسول؟ وهل كانت للرسول ولأصحابه صلاة خاصة؟ اختلف الفقهاء في الجواب، وذهب أكثرهم إلى أنه كان يصلي وإن (أول ما افترضت الصلاة على النبي ركعتين ركعتين كل صلاة، ثم إن الله أتمها في الحضر أربعا وأقرها في السفر على فرضها الأول ركعتين).
وذهب جمع إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة لا عليه ولا على أمته إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد (وفي كلام ابن حجر لم يكلف الناس إلا بالتوحيد فقط ثم استمر على ذلك مدة مديدة، ثم فرض عليهم من صلاة ما ذكر في سورة المزمل، ثم نسخ كله بالصلوات الخمس، ثم لم تكثر الفرائض ولم تتابع إلا بالمدينة. ولما ظهر الإسلام وتمكن في القلوب كان كلما زاد ظهوراً وتمكن ازدادت الفرائض وتتابعت).
وبعد فهذه آراء في الصلاة قبل الإسراء متباينة. أما ما بعد الإسراء فالإجماع حاصل على أنها خمس لا شك في ذلك. ولم يتمكن المفسرون على الرغم من الجهود التي بذلوها من