[في سكون الليل]
للأستاذ إبراهيم العريض
غفا الكَونُ. . إلا ما يكونُ من الصبا ... إذا حرّكت مهدَ الزهورِ النواعس
تخالينَها - يا ميُّ - طُهراً مجسَّما ... على كل غضنٍ في الخميلة مائس
ويحبسُ من أنفاسِها الليلُ ريثما ... يخالطُها بردُ الندى المتقارس
فُترسِل طيباً حولها في دوائرٍ ... تدورُ إلى أن يغمرَ الطيبُ هاجسي
وقد سكنت حتى المياهُ كأنها ... هنالكِ تُصغي في الظلام لهامس
يصقَلها مرُّ النسيم فتنجلي ... بها صورُ الأشياء شبهّ رواكس
وينظرُ في مرآتِها النجمُ حائراً ... فليس يرى إلا شرارةَ قابس
أنزعمُ أن اللهَ أبدعَ هذِه ... لنقضِيَ ريحانَ الصِبا في المجالس
ولا طيرَ إلا وهوَ طاوٍ جناحَه ... على الرأسِ حتى المنكبين كبائس
تخالينَه من هَيئة الشكل ناعساً ... ولكنهُ - يا ميُّ - ليسَ بناعس
فإن لذكرى كل لحنٍ شدا به ... سحابةَ يومٍ هزَّةً في المغالس
تؤرّقُه تلك الهواجسُ موهِناً ... فيشفِق من جرّاء تلك الهواجس
وكم دوحة في الروض حالَ سوادُها ... بأنوارِ بدرٍ شعَّ بين المغارس
فألبسَها من نسجِه بعد عُريها ... وشاحاً لجينيَّ السنا كالعرائس
وتحتَ شُعاع البدرِ أسفرتِ المنى ... وعانيتُها تحنو حنوَّ الأوانس
تعالى هُنا نخلُدْ من العُمرِ ساعةً ... يداً بيدٍ في نجوةٍ وتهامس
إبراهيم العريض