قام المليك ثملا من الرقص الفاتن على أنغام المزامير يرنو إلى جمال الراقصات الباسم. . ويصغي إلى أحاديث الندامى ترن في مسامعه مرجعة أنباء الساحر الرهيب، ذي القوة الخارقة والسحر العجيب، وأقاصيص ذلك القاضي السعيد الفياضة بالغرائب، المملوءة بالأعاجيب!
وأيقظه نسيم السحر المرتعش، فنادى غلامه وقال: سمعت في العشية من صحبتك أن في أقصى المملكة قاضياً واسع الحيلة، عظيم الذكاء، يعرف الكاذب إذا رآه من الصادق، وله في ذلك نكات حلوة وطرائف طلية. . ولقد هفت نفسي إلى رؤيته فهيأ يا غلام جوادي، وأحضر لي زادي، وائت لي بلباس لا يعرفني به أحد من رعيتي، كي أذهب فأرى صدقه من تدجيله.
وبعد ساعة. . انطلق الملك يسري. . بين شعف الجبال وأحضانها، وهو يحث السير ويغذه؛ حتى إذا ما وصل إلى بلد القاضي - وقد ارتفعت الشمس وقاظ النهار - لقيه رجل قد قطعت ساقاه وتهشم وجهه وجحظت عيناه، فاقترب منه، وهو يتكئ على عصوين أسندهما إلى إبطيه. . وأخذ يقبل أقدامه ويطلب إحسانه. فتصدق الملك عليه؛ وهمز حصانه وسار على مهل.
وفرح البائس إذ ضحكت له المنى ولكنه لحق بالمليك وأمسك بأثوابه لا يدعها، فغضب الملك وثار وقال له: