للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أحلام الصحراء]

للأديب محمد العلائي

إلى الدكتور (عزيز فهمي): هل تأذن لي يا أخي أن أهدي إليك هذه الصورة الوجدانية المحمومة، وفاء لما أشعرتني به قصيدتك من رقة الشاعر، وحنان الأخ، وكرم الصديق

موحشٌ ذلك الظلام، فيالي ... من تهاويل وحدتي وخيالي!

قذف الليل رعبه في ضميري ... عن يميني مخاوفٌ وشمالي

مزق الوهم خاطري. كل شئ ... في طريقي يَضجُّ بالأهوال

مِلءُ نفسي كآبة؛ وبسمعي ... صرخات الذئاب والأغوال

وعويل الرياح شرقاً وغرباً ... وهزيم الرعود فوق الجبال

والأفاعي لها هناك فحيح ... ينفث السم في الحصى والرمال

ووراء الكثيب جنٌّ تَغنَّى ... بنشيد الردى ولحن الزوال

وكهوف بها جماجم موتى ... نبشتها الوحوش منذ ليال

وعلى الجانبين صيحات شؤم ... بعثرتها الرياح في الأدغال

حوَّم الموت واقشعرَّ ضميري ... ها هنا مصرعي، وذاك مآلي

أنا يا ليل خائف قد تمشَّتْ ... رعدة الموت في دمي وعظامي

هاما لا أطيق رجع ظنوني ... والردى جاثم على أوهامي

ذاهل أنطوى على صرخاتٍ ... مزَّقتْنِي وفزَّعت أحلامي

لست أقوى على المسير، فرأسي ... مائل شَلَّهُ دوار الظلام

وذراعي بجانبي ليس فيها ... من حراك والشوك في أقدامي

جسدي مُوجع وخلف لساني ... حشرجات ترد فيَّ كلامي

وبحلقي شجىَ يقطِّع أنفا ... سي وفي مقلتي بريق الحِمام

وبصدري مواجعٌ ألهبتها ... وخزات المُدى ونزع السهام

آه! خلف الضلوع جرح سأقضي ... وهو خلف الضلوع دون التئام

لم يعد غير خفقة ثم أمضى ... ليس خلُّ هنا يواري حطامي

محمد العلائي

<<  <  ج:
ص:  >  >>