هذه كلمة من نوع ما كنت أكتب عن الأزهر من قبل، جاشت
النفس بها ثم احتبستها، ولكن كلمة الأستاذ الزيات:
(هل أنبعث الأزهر) قد أثارت كامن الشوق القديم:
وذو الشوق القديم وإن تعزى ... مشوق حين يلقي العاشقينا!
الصورتان متقابلتان كأتم ما يكون من التقابل، متنافرتان كأعنف ما يتصور من التنافر، وهما مع ذلك مجتمعتان في مكان واحد، وبينهما صلة جوار قريبة ورابطة قوية يبدو أنه لا سبيل إلى التخلص منها قبل زمن بعيد!
ليس الموضوع خيالاً يا عشاق الخيال، وإنما هو الواقع الذي لم تفسده التصاوير، والحقيقة المبرأة من المبالغة والتهويل!
الصورتان في الأزهر، والأزهر يحتفظ بهما معاً، ويصانعهما معاً، ويود لو يبقى الناس غافلين عنهما، منصرفين عن النظر إليهما
الصورة الأولى
صورة باسمة مشرقة متميزة الملامح والقسمات، يشع منها نور الإيمان، وتبدو على محياها سمات العقل والتفكير: لمن هذه الصورة؟؟ إنها صورة أزهري صحيح الفكر، رشيد العقل، واسع الأفق، لا يضيق صدراً بما يأخذ به الناس من أسباب حياتهم، وألوان ثقافاتهم، وطريقة تفكيرهم مادام ذلك في حدود العقل الصحيح والعلم الصحيح!
يشعر بأن الأزهر في عهده الحديث مطالب بأن يفهم ما حوله فهماً صحيحاً، لأن هذا الفهم ضروري له، وضروري للدين الذي يحمل لواءه، وضروري للأمة التي تجعله منها في مكان القيادة!
فهو ضروري له، لأنه إذا لم يفهم ما حوله فهماً صحيحاً، ظل يخبط في ظلمات، ويضرب في مجاهل، فتكون النتيجة - ويالهول! - أن يفقد اعتباره أمام الأمة، وأن يكره بعد حين قريب أو بعيد، على التخلي عن مركزه التاريخي العظيم فيها!