للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

أقصوصة من هـ. ستاكبول

أحلام فضية

للأستاذ دريني خشبة

من نجوة (بون بك) يشرف الناظر على مرأى عجيب من رؤوس الأيك النائم في الغابة، والحياة الدائبة الصاخبة في الوادي، وأبراج (تور) المنطبعة في أديم الأفق، والشعاب الملتوية بين الدوح الجبار. . . ثم. . . هذه الرقائق من الفضة تنساح في مجرى اللوار، راقصة على رنين النواقيس من فيروفلاي، مضطربة تحت أقدام أرليان، متلاشية في لا نهائية البعد مما يلي المنبع. . . في شعاف السِّفِنْ.

ومع ذاك، فلم يكن فوق بون بك غير سنديانات أربع، منهن دوحة جدة، عظيمة الجذع ذاهبة الأفنان، وإن يكن قد نخزها الزمان، ونامت قرونه في الكهف الكبير الذي احتقرته في أصلها. . . ثم شجيرات حفيدات تينع في الربيع، وتنضر في الصيف، وتتجرد فيما سوى ذلك من فصول السنة. ولم تغير الثورة شيئاً من معالم هذا الغاب، على كثرة ما غيرت من معالم فرنسا، فهذا هو العم العجوز المتداعي (جين كابوش) ما يزال يقطع الخشب من الغابة ويُحمّله إلى شاتود نيفر، وما يزال يعالج الشجر ويصيد الأرانب، ويؤدي الأعمال التي كان يؤديها أبوه وجده من قبل، والتي كان يؤديها آباؤه الأولون. . . وإن له لآباء أولين يتلاشون في لا نهائية الأزل، كما يتلاشى اللوار في ظلام السِّفِن. . . فإذا قدر لك مرة أن تلقاه في أحد شعاب الغابة، لقيت رجلاً من القرون الغابرة لا يعرف عن زماننا شيئاً، ولا تربطه بالعصر الحديث رابطة؛ وكذلك تلقى بنته الجميلة الساذجة العذراء ماري، التي إن حدثتها حدثت قطعة من الغابة لا تدري ما وراءها. . . على أنها مع ذاك تصبيك وتفتنك، وتسحرك بجمالها العميق الملغوز، وتتأرج في نفسك وقلبك كما تتأرج البنفسجة الفيحاء، لا تدري من أين يسبيك جمالها.

أما أبوها - العم جان - فقروي - لا، بل ريفي قح، يحسبه من يلقاه نابي الذوق، جافي الطبع، لأنه لا يعرف قوانين التقاليد التي تفرضها حياة المدن على سكانها، ومن هنا عدم

<<  <  ج:
ص:  >  >>