أشرنا في العدد السابق إلى بعض آراء الرصافي القديمة، مما له علاقة بآرائه الحديثة التي طلع بها على الناس فجأة تعليقاً على كتابي الدكتور زكي مبارك: التصوف الإسلامي والنثر الفني. . . إلى القراء الآن بعض هذه الآراء:
١ - يؤمن الرصافي بوحدة الوجود، وأن لا إله إلا هذا العالم الأعظم الكلي، وأن قولنا لا إله إلا الله معنى لها (أنظر العدد السابق)، وخير أن يقال لا إله إلا الوجود. . . (إن البحث والتفكير قد ألجآني إلجاء لا محيص عنه إلى الإيمان بوحدة الوجود (ص ١١) وأن الله هو الوجود المطلق اللانهائي (ص ١٣) - وقد فسر الظاهر والباطن في سورة الحديد بأن (الظاهر الذي نراه بأعيننا وندركه بحواسنا، والباطن الذي لا نراه ولا ندركه)(ص١٣). ويدعى أن كل شيء في هذا العالم جزء من الله، أو أن المخلوقات (مظاهر للوجود الكلي، كمظاهر الأمواج لماء البحر المائج (ص ١٥)). ولا يصح لأحد أن يقول أنا الله، كما قال الحلاج، لأنه جزء من كل، وإلا كفر (ص ١٦)
٢ - ويؤمن بأن محمداً، بما أوتى من الكمال النفسي، والفكر القدسي هو سيد العارفين بهذه الحقيقة (ص١٤)، وإن يكن قد أخفاها عن أصحابه، ولم يلمح بها إلا لأبي بكر:(ولا نعلم أحداً كان يقول بها (بوحدة الوجود) من أصحاب رسول الله اللهم إلا أبا بكر. . . فلا يبعد أن يكون قد أخذ عنه هذه الفكرة بالتلقين، أو يكون قد عرفها من القرآن بالتدبر والتفكير (ص ٨٤))، (وآخر ما نقوله في هذا إنه لم يكن في زمن البعثة من يمثل فكرة وحدة الوجود سوى رسول الله، وأصدق الظن يجيز أن يجعل أبا بكر من عارفيها، كما مرت الإشارة إليه (ص ٧٢))
٣ - ولا يعترف بأن القرآن هو كلام الله، ولكنه كلام محمد، فإذا ذكر شيئاً من القرآن قال: يقول محمد في القرآن، (ص ١٣)، ولكنه يعتذر لمحمد بأنه كان يفني في الله - أو في الوجود الكلي - فناء كاملاً، ولذا جاز له أن يقول هذا القرآن ويزعم أنه يقول الذي يقوله الله، ويفعل الشيء ويؤمن بأن الله هو الذي يفعل (ص ١٤)
٤ - ويعتقد أن كل ما يقع في العالم إنما يقع حسب قوانين لا يمكن الإفلات منها (سنة الله