إذا كان لأبي العتاهية ذلك الفضل في الشعر العربي بطريقته الجديدة التي أحدثها فيه، وتوخيه فيه السهولة التي تجعله قريب النفع، وتجعل منه أداة صالحة لتقويم الشعب، فانه كان أحياناً يفرط في هذه السهولة، فينزل فيها إلى اللغة الدارجة، والواجب أن يتوسط في ذلك ويسلك في الشعر لغة بين هذه اللغة ولغته القديمة الجافة؛ ومما يؤخذ عليه من ذلك قوله:
إلا يا عُتْبَةُ الساعَهْ ... أموتُ الساعَةَ الساعَهْ
وقد قيل لأبي برزة الأعرابي أحد بني قيس بن ثعلبة: أيعجبك هذا الشعر؟ فقال: لا والله ما يعجبني، ولكن يعجبني قول الآخر:
جاء شقِيقٌ عارضا رُمحَهُ ... أن بني عمك فيهم رماحْ
هل احدَثَ الدهرُ لنا نكبةً ... أم هل رَقتْ أمُّ شقيق سلاح
أي نفثت فيه حتى لا يعمل شيئاً. ولا يفوتنا أن نأخذ على هذا الأعرابي أن هذا الشعر لا يصح أن يذكر مع ذلك الشعر، ولكن يجب أن يذكر معه غزل من نوعه، وفي معنى يمت بسبب إلى معناه، لتكون الموازنة صحيحة بينهما، وتظهر الفروق بين الشعرين تمام الظهور.
وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وكان ممن ينكر على أبي العتاهية: أنكر الرشيد علي طعني على أبي العتاهية في شعره، فقلت يا أمير المؤمنين هو أطبع الناس، ولكن ربما تحرف، أي شئ من الشعر قوله:
هُوَ الله هُوَ الله ... ولَكِن يغفر الله
وقال أبو عبيد الله المرزباني: ومما أنكر على أبي العتاهية من سفساف شعره قوله في عتبة: