[آلعلم للعلم، أم العلم للوطن بوسيلة دراسة التاريخ؟]
للأستاذ أبي خلدون ساطع الحصري
- ١ -
رغب إليَّ بعض الشباب أن أدلي برأيي في موضوع (هل العلم للعلم أم العلم للوطن - بوسيلة دراسة التاريخ) وهو الذي استفتت المفكرين فيه الرابطة العربية، فكتبت هذا المقال متوخياً فيه بيان الرأي على وجه عام، غير متصدٍ لمناقشة رأي خاص. وقد رأيت نشره بالرسالة الصديقة ليتسع مدى المناقشة في هذه المسألة بتنوع المجال
أبو خلدون
أنا لا أعترض على من يقول إن (العلم للعلم)؛ واسلم بأن (الأبحاث العلمية) يجب أن تكون غايتها (معرفة الحقيقة)، معرفة مجردة من كل الاعتبارات النفعية.
غير أنني أقول في الوقت نفسه أن العلم شيء آخر، فما يصح في (العلم) قد لا يصح في (التعليم).
فعندما نقول (العلم للعلم)، لا يتحتم علينا - منطقياً - أن نقول في الوقت نفسه (التعليم للتعليم). وعندما نسلم بأن (العلم لذاته لا لشيء غيره)، لا يلزمنا التسليم في الوقت نفسه بأن (التعليم أيضاً لذاته، لا لشيء غيره).
فأن مبدأ (العلم للعلم) لا يمنعنا من القفول بأن (التعليم ليس من الأمور المقصودة بالذات، بل هو من الوسائل التي تستخدم للوصول إلى بعض الغايات).
إن هذه الغايات لا تكون (مادية ونفعية) في كل الأحيان، بل تكون (معنوية وتربوية) في معظم الأحوال: فقد يقصد من التعليم (إعطاء بعض المعلومات المفيدة للحياة) في بعض الأحوال؛ غير أنه يقصد منه - في كثير من الأحيان - (الحصول على بعض الفوائد المعنوية والتأثيرات التربوية)، كالتعويد على البحث والملاحظة، والترغيب في الدروس والمطالعة، أو تنمية الميول الفنية واستثارة العواطف النفسية. . . وأما التعليم الذي يتجرد عن مثل هذه الأهداف والغايات، فأنه يكون مخالفاً لأسس التربية الصحيحة مخالفة كلية.
ويمكننا أن نقول: (إن قيمة التعليم تقاس بقيمة الغايات التي تقصد به من جهة، وبجودة الطرق