المستحيل حتى يعد في نظرهم نابغة، وقد كان ذلك فيما مضى سهلاً يسيراً، فمن عاش في الظلماء يبهره نور القنديل، ومن عاش في ضوء الكهرباء لا يبهره ضوء الشمس؛ والثانية أن الناس أصبحوا متسائلين مدققين باحثين لا يستطيع السياسي القدير أن يتلاعب بهم وأن يجعلهم آلة صماء كما كانوا من قبل. من أجل هذا لا نرى كبار الساسة اليوم يستطيعون أن يخضعوا الناس لأمرهم كما فعل نابليون ويوليوس قيصر وجنكيزخان وأمثالهم، وعدم الخضوع وكثرة السؤال والتدقيق يقلل من مجد الساسة، ولا يرفعهم إلى درجة الآلهة وأنصاف الآلهة كما كان في سالف الزمان؛ ومثل هذا يقال في كل علم وكل فن
فعصرنا الحاضر (طابعه طابع المألوف والمعتاد لا طابع النابغة والبطل) وإن كان مألوفنا ومعتادنا أرقى من نابغة القرون الماضية وبطل القرون الماضية
إن كان هذا - يا أخي - هو الذي أردتُ فأظن أنه لا يرد علي بمزايا العصر الحاضر، وعلم العصر الحاضر، وفن العصر الحاضر؛ وإذا كان النبوغ في السبق وكانت المقارنة بين عصرين بقياس مسافتي البعد، فأرجو أن نكون على وفاق فيما ذكرتَ وذكرتُ، وسلامي عليك ورحمة الله