يكاد يكون الشعار الغالب في حياة البدائي الأخلاقية هو أن يكون الإنسان سعيد الحظ في الحرب يقتل من استطاع من الأعداء. وأنجح الكشوف هو ذلك الذي يهيئ للقبائل البدائية اقتناص أكبر عدد من الأجانب والعودة بجماجمهم، يجمعونها في حرز حريز لأنها الثروة التي بها يتفاضلون، وهي ضمان الشجاعة والشرف التي يتقدم البدائي إلى عروسه في فخر وخيلاء. . .
فإذا انتقلنا إلى شعوب أكثر حضارة وجدنا أن الوحدة الاجتماعية تكبر وتتميز؛ وكلما قويت الوحدة الاجتماعية ازداد الشعب استنكاراً لجريمة القتل؛ إلا أن النظرة إلى الأجنبي تظل محتفظة بآثارها الموروثة عن القبيلة. فقوانين الملك اين تصور لنا كيف كانت حياة الأجنبي رخيصة في بلاد اليونان في العصور الأولى، فلم يكن له أي حق قانوني. وكذلك كان الحال في الشعوب الرومانية القديمة؛ فالكلمة اللاتينية ومعناها عدو كانت تعني الأجنبي أيضاً. فالأجنبي والعدو يدل عليهما بكلمة واحدة. والذي يدلنا على مدى نظرة هذه الشعوب - ومن شابهها في درجة الحضارة - إلى الأجنبي، تلك السهولة التي كانوا يقابلون بها حروبهم مع الأجانب. وفي التاريخ المصري القديم لا نشاهد أية صيحة على الحروب وأهوالها، وكأنما الحرب ضرورة مادام هنالك أجنبي. وكذلك الحال عند العبرانيين القدماء إذ كانوا يتصورون أن الحياة حق مقصور عليهم وعلى نسلهم. وعند العرب في الجاهلية كانت القبائل تتحارب لأتفه الأسباب، ومن ذلك ما يروى عن أيامهم، فيوم النباج وتيتل مثلاً كان من الوقائع التي أثارها حب الغزو فحسب.
وكل هذا يدلنا على أنه إذا كان نطاق القتل داخل البلاد قد ضاق كثيراً عنه في الشعوب البدائية، فقد ظل الأجنبي منظوراً إليه بنظرة لا تختلف عن نظرة الشعوب البدائية.
ولما دخلت المسيحية في أوربا أشاعت احترام الحياة الإنسانية بدرجة لم تعرف في العصور السابقة. وكان المسيحيون في عصورهم الأولى يرون أن القتل في جميع صوره خطيئة كبرى. وفي هذا يقول ترتيليو هل من الممكن أن يكون لنا حق امتشاق الحسام