ما ينقم اليهود من العرب إلا أنهم حموهم وأحسنوا إليهم وأفسحوا لهم في ديار العرب يعيشون أحراراً ويغشون معابدهم كما يشاءون ويتولون أمورهم الدينية دون حرج.
فتح العرب فلسطين والروم يسيطرون عليها والأمكنة التي يقدمها اليهود والتي يعادون العرب من أجلها اليوم مزابل عفي عليها الزمان والهوان، فطهر العرب هذه الأمكنة وجعلوها مساجد تنظيماً لها واتباعاً لأمر الإسلام الذي يعترف بما في الأديان السابقة من حقائق، ويعظمها ويبين أنه الدين العام الجامع الذي يجمع كل ما أوحاه الله إلى رسله في العصور كلها، والأقطار جميعها، بعد أ، ينفي عنها تحريف المبطلين، ويخلصها مما علق بها من خرافات الجاهلين.
وعاش اليهود في كنف العرب أحراراً في فلسطين وغير فلسطين وتبحبحوا في الأقطار العربية والإسلامية عامة، وساروا سيرتهم في عبادة المال، والتوسل إليه بكل الوسائل فوجدوا مرتعا خصبا ومتقلبا فسيحاً.
وقد بلغوا في أقطار العرب مناصب عالية، وكان لجماعات منهم شأن عظيم في الدولة الفاطمية في مصر، والدولة الابلخانية في العراق، ودول العرب في الأندلس، وغيرها.
ثم ضرب الدهر ضرباته، ودار الفلك دوراته، وجاء اليهود إلى فلسطين يزحمون أصدقاءهم في ديارهم، ويستعينون على حملتهم بالأمم التي كرهتهم وأذلتهم وشردتهم، ففقدوا بأعمالهم صداقة العرب، ولم يكن لليهود صديق سواهم في هذا العالم.
وينسى اليهود تاريخهم وتاريخ العرب كله ويرمون العرب بكل ما علمتهم أوروبا من عدوان، وبكل ما في سجاياهم وتاريخهم من ختل وعداوة للبشر جميعا إلا من كان يهوديا، وقالوا، بزعمهم: هذه بلادنا ومواطننا، نحن أولى بها، قد عشنا فيها زمناً، وسيطرنا عليها حقبة، ولسنا نبالي أن يكون العب استوطنوها بعدنا، وعاشوا فيها أكثر مما عشنا، وسيطروا