كتب الأستاذ أبو خلدون (ساطع الحصري بك) في العددين (٨١٩ و٨٢٠) من الرسالة الزاهرة، بحثاً قيماً أورده جواباً على سؤال تقدم به إليه الأستاذ الكبير (صاحب الرسالة) وكأن مؤداه: (هل الشقاق طبع في العرب؟). وقد تطرق الأستاذ الحصري في جوابه إلى الحديث عن ابن خلدون وعن رأيه في العرب الذي جاء في مقدمة تاريخه. ثم تدرج من خلال ذلك إلى الحديث عن كتابه (دراسات عن مقدمة ابن خلدون) واستشهد من هذه الدراسات (نموذجين من البراهين المسرودة فيها). كان أحدهما من القسم الأول عن المقدمة، والثاني من القسم الأخير منها.
فأغراني حديث الأستاذ هناك أن أصطحب (دراساته) تلك، لأجعلها شغل فراغي في المصيف الذي جنحت إليه، فكانت خير مشغلة، وكانت نعم الرفيق. وهأنذا أتقدم بهذه الكلمة المتواضعة، تعليقاً على هامش تلك (الدراسات) فأقول:
لقد كان الوازع الذي حفز الأستاذ الحصري لإصدار هذا الكتاب - كما أحسست من دراسته - أنه معجب بابن خلدون إعجاباً جعله يتكنى باسمه، ولذلك يدافع عنه في رد هذا المأخذ الذي أخذه الناس عليه من رأيه (في العرب). ولقد حاول جهد طاقته أن يظهره بمظهر الحدب الشفيق، وأن يلبس أقواله زخرفاً يخضد معه كثيراً من هذه الأشواك التي يلمسها (ناتئة وخازة) كلُّ من ينصرف إلى دراسة آراء هذا المؤرخ الفاضل في الأمة العربية منذ أقدم أزمانها إلى أيامه.
وإنك لتجد الأستاذ الحصري في (دراساته) يبذل غاية الجهد في هذا السبيل. فهو لا يدع حجة تلوح له من قريب أو بعيد إلا ساقها فيستشهد بنص يورده كاتب فرنسي. كما يشير إلى آخر يورده كاتب تركي. ويقبل بعد هذا كلام المؤرخ يستقرئه حيناً، ويحمله فوق ما يحتمل أحايين. ثم لا يقف عند هذا الحد، بل يلجأ إلى كلام تواطأت عليه العامة، فيدور