للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حوله طويلاً حتى يكاد يبرزه بين معظم هذه السطور التي أعدها للدفاع عن ابن خلدون. وهاأنذا أسوق للقارئ الكريم طرفاً من دفاعه، وأظهر مبلغ تساوقه مع الحقيقة، مستشهداً - ما وسعني المقام - في استجلاء ما أشكل وأنبهم، بكلام المؤرخ نفسه كما أورده في مقدمته.

يقول الأستاذ الحصري عن كلمة العرب عند ابن خلدون ما يلي: (إن كلمة العرب في مقدمة ابن خلدون من الكلمات التي ولدت أغرب الالتباسات وأنتجت أسوأ النتائج. ذلك لأن ابن خلدون استعمل الكلمة المذكورة بمعنى البدو والأعراب، خلافاً للمعنى الذي نفهمه منها الآن، كما تبين من الدلائل والقرائن الكثيرة المنبثة في جميع أقسام المقدمة).

ويتحدث بعد هذا طويلاً عن دحضه أقوال لكثير ممن تحاملوا على ابن خلدون بسبب خطئهم في فهم ما يقصده من كلمة (العرب) ومن هؤلاء - على حد تعبيره - مدير المعارف العراقية الذي دعا إلى (حرق كتبه ونبش قبره باسم القومية، زاعماً أنه من الكافرين بالعروبة. . .).

ثم يورد بعد ذلك ما يذكره علماء اللغة في تعريف كلمتي (العرب والأعراب) فيعقب عليه بقوله: (يظهر من ذلك أن مدلول كلمة العرب تطور تطوراً كبيراً خلال أدوار التاريخ. ويمكننا أن نعين اتجاه هذا التطور بالصفات الثلاث التالية:

أولاً: كان مدلول كلمة العرب يختص بالبدو وحدهم.

ثانياً: صار يشمل هذا المدلول من يسكن المدن والأمصار من غير أن يقطع صلاته بالبادية. . .

ثالثاً: (وهنا موضع الشاهد) صار يشمل مدلول كلمة العرب سكنة الأمصار أيضاً، بقطع النظر عن صلاتهم بالبادية، أو رجوع نسبهم إلى البادية. . .).

وهكذا يحدد الحصري مدلول هذه الكلمة في صفات ثلاث تطورات - كما يقول - مع أدوار التاريخ. ودعني أيُها القارئ الكريم أوقف بك عند كلُّ واحد منهم، مبتدئاً - حسب الترتيب الذي سار عليه - بالأولى حيث يقول: (كان مدلول كلمة العرب يختص بالبدو وحدهم. .) و (كان) هذه تحتمل من الإمكان ما نعيدها معه إلى إبان صدر الإسلام وما قبله، حيث جعلها الأستاذ بداية التطور خلال أدوار التاريخ. ولو تسائلنا على ضوء هذا التحديد، عما إذا ورد في القرآن الكريم - وهو قاموس العربية - ما يؤيد قول الحصري! لألفينا

<<  <  ج:
ص:  >  >>