[آية الجزر]
للأستاذ فخري أبو السعود
جزيرة قد إشاحتها يد القدر ... عن الشطوط فقامت آية الجزر
قد استوت وسط أمواج تلاطمها ... نصب الرياح ونصب البرد والمطر
إذا الشتاء أتاها لم يرم حولا ... عنها وفشى فجاج الأرض بالكدر
قريب ما بين أطراف النهار وما ... يزهو برونق آصال ولا بكر
يأتيك في كل يوم من تحوله ... شأن جديد وأمر غير منتظر
يا رب يوم شرود جاء مزدهيا ... بشمس ونسم لين عطر
تلاه آخر رواها وأترعها ... بوابل مستمر الوكف منهمر
فجاء صبح حديد البرد قارسه ... يكوى الوجوه بوخز منه كالإبر
فجاء من بعد صبح أبيض يقق ... كاس بثلج كزغب الطير منتشر
نغشى المنازل والأشجار ناصعة ... كسكر فوق حلوى العيد منتر!
يكاد يزلق عنه غير منتبه ... من لم يطأه بنعل الخائف الحذر
فجاء صبح يلف الأرض في سدف ... من الضباب كثيف اللون معتكر
يكاد يفتقد الإنسان راحته ... إذا تعرض بين الراح والبصر
يطوي معالمها في طي غيهبه ... فلم يدع ثم منظورا ولم يذر
إذا أقام ثلاثا في جوانبها ... نسيت كيف مسير الشمس والقمر
إذا تراءت شتاء وهي كالحة ... شوهاء عاطلة من معجب الصور
دجناء مربدة الآفاق حائلة ... جدباء ذاوية الأزهار والشجر
عجبت كيف يزور الوحي واديها ... وكيف ينطق فيها الشعر بالغرر
وكيف يونع حسن في كواعبها ... يتهن في ريق منه وفي نضر
لكن شاعرها سارت نباهته ... في الخافقين وجابت سالف العصر
وقومها في أقاصي الشرق قد رفعوا ... والغرب راية رب السبق والظفر
سادوا بكل أديم راق منظره ... وكل واد قشيب الوشي والحبر
وسخروا اليم واعرورو أواذيه ... بقاهر حيث جاب اليم منتصر