للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الدولار والشرق العربي]

للأستاذ عمر حليق

هناك حقائق خطيرة قل أن تتعرض لمعالجتها ألسنة الرأي العام العربي عندما تتحدث عما يقترحه المعسكر الغربي على الشرق العربي من مساعدة اقتصادية ومحالفة عسكرية. وهذه المغريات التي تنقلها إلى القارئ العربي في غير فطنة مواصلات فكرية هي فريسة بؤر التوجيه الضار في السفارات الأجنبية وفي وكالات الأنباء (العالمية) التي يعيش على محصولها الإخباري قارئ الصحف العربية والمستمع العربي.

ومن أبرز هذه الحقائق تجاهل المعقبين العرب لحقيقة الوضع الاقتصادي القلق الذي تعيش عليه الولايات المتحدة وهي عماد المعسكر الغربي، وحاجة هذا الوضع إلى استثمار الأموال في المناطق التي توفر الربح العاجل المضمون كمنطقة العالم العربي.

فللمشروعات الأمريكية للمساعدة الخارجية كمشروع مارشال أوجه أخرى غير الأوجه السياسية. (الإنسانية) التي يبدو أن معظم ألسنة الرأي في الشرق العربي ميالة إلى التعلق بها وحدها.

وحين نسلم بأن التوسع السوفيتي وذيوله السيئة في شتى نواحي النشاط الإنساني هو أخطر ما يواجه حاضر الشرق الأدنى يجدر بنا كذلك أن لا ننسى مطلقاً ما يستر من الشر في الاستسلام المطلق للتوسع الأنجلو أمريكي. فإن امتداد مشاريع (المساعدة) الأمريكية إلى الشرق العربي هو توسع تستلزمه الأزمات الحاضرة في السياسة والاقتصاد والحرب التي تواجه المعسكر الغربي.

ولعل الوقوف على الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة وعلى برامج التوسع التجاري الذي لا مفر للصناعة البريطانية من تحقيقه إذا حرصت على النهوض الصحيح - هذا الوقوف يلقي ضوءاً هادياً على سياسة الدولار في منطقة الجامعة العربية.

إن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية قلق؛ وليس هذا الجزم مقتبساً من تعقيبات (برافدا) و (ازفستيا) وراديو موسكو؛ بل هو حقيقة لا يستطيع الأمريكان كتمانها عن أنفسهم وإن استطاعوا - بفضل ما لهم من نفوذ قوى في المواصلات الفكرية العالمية - التقليل من خطورتها خصوصاً لدى الشعوب التي ينقصها الوعي الاقتصادي الحساس

<<  <  ج:
ص:  >  >>