[في حفلة تأبين الزهاوي]
مضى الطائر الصداح
للأستاذ علي الجارم بك
مندوب مصر في حفلة تأبين الزهاوي ببغداد
جفا الروض مغبر الأسارير ماطره ... وغادره قفر الخمائل طائره
ذوى نبيه بعد البشاشة وارتمت ... مصوحة أثمار وأزاهره
تلفت: أين الروض، أين مكانه ... وأين مجاليه، وأين بواكره
وأين الذي لم يطرق الأذان مثله ... إذا صدحت فوق الغصون مزاهره
حمائم ألهاها النعيم عن البكا ... وأذهلها عن عابس العيش ناضره
إذا أرسلت ألحانها في خميلة ... توثب زهر الروض واهتز عاطره
لها صوت داود وحسن رنينه ... إذا ما علت متن النسيم مزامره
إذا بدأت أشجاك أول صوتها ... وأن سكتت أعيا بيانك آخره
وأن هتفت في الدوح مال كأنما ... يسايرها في لحنها وتسايره
تحدت فنون الموصلي وطوحت ... بأنفس ما ضمت عليه بناصره
أولئك أوتار الإله وصنعه ... إذا عزفت فليسكت العود وآتره
ألمت بأسرار النفوس فترجمت ... كما فسر الحلم المحجب عابره
يصيخ إليها أسود الليل باسما ... فتفترعن زهر النجوم مشافره
يود لو أن الغيد ضمت شعورها ... إلى شعره الداجي فطالت غدائره
ويرجو لو أن الفجر عوق خطوه ... وطاش به نائي الطريق وجائره
وزلت بشطآن المجرة رجله ... فطوحه في غمرة اليم زاخره
سل الروض أن أصغت إليك رسومه ... متى روعت أطلاؤه وجآذره
وأين الغدير العذب طاب وروده ... لذي الغلة الصادي وطابت مصادره
إذا فاض بين الزهر تحسب أنه ... يماني برد أذهل التجر ناشره
تأزر من أثوابه الروض واكتسى ... فرقت حواشيه وطالت مآزره