لصديقنا الأستاذ أحمد أمين مؤلفات جيدة قامت على أساس المنطق والعقل، وهو من كبار الباحثين في العصر الحديث.
ولكنه على أدبه وفضله لا يجيد إلا حين يصطحب الروية ويطيل الطواف بالموضوع الواحد عاماً أو عامين، وذلك سر تفوقه فيما نشر من البحوث والتصانيف
ولسنا نظلم هذا الصديق المفضال حين نحكم بأنه لا يصلح لتقييد الخواطر العابرة التي تطوف بالذهن من حين إلى حين، لأن ذلك لا يتيسر إلا لمن رزق موهبة أدبية تقيٌد شوارد المعاني بلا تعب ولا عناء، وتضيف المألوف إلى صف الطريف بعذوبة التعبير وقوة الروح
أحمد أمين باحث كبير بلا جدال، ولكنه ليس بكاتب ولا أديب، وإن كان من أساتذة الأدب بالجامعة المصرية
ولم يستطع الأستاذ أحمد أمين على كثرة ما كتب وصنٌف أن ينقل القارئ من ضلال إلى هدى، أو من هدى إلى ضلال، وإنما كانت مؤلفاته وبحوثه ضرباً من (التقرير) الذي يخاطب الأذهان ويعجز عن مخاطبة العقول والقلوب
وحياة الأستاذ أحمد أمين تؤيد ما نقول: فهو رجل لا يعرف الخلوة إلى الفكر والقلم، ولا يتسع وقته لدرس ما في الوجود وما في الأخلاق من مشكلات ومعضلات، وإنما يقرأ ويسمع، ويعلق على ما يقرأ ويسمع، بدون أن يتغلغل إلى أسرار المجتمع أو سرائر القلوب
وهيام الأستاذ أحمد أمين بالظواهر قد عاد عليه بأجزل النفع من الوجهة الشكلية؛ فهو رئيس لجنة النشر والترجمة والتأليف، وهو أستاذ بالجامعة المصرية، وهو عضو في كل لجنة تؤلفها وزارة المعارف، وهو مشرف على بيت المغرب، وهو مؤلف كتب وناشر مقالات، وهو صاحب ثروة يدبرها ويشقى في سبيلها أعنف الشقاء.
وهذا كله مقبول، ولكن الخطر كل الخطر في ألا يقنع هذا الرجل بما وفق إليه في حياته الرسمية والمعاشية