للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة المكروب كيف كشفه رجاله]

ترجمة الدكتور احمد زكي

وكيل كلية العلوم

بستور والكلب المسعور

وأخذ بستور ورجاله الخلصاء يصوبون مجاهرهم على مواد يستخرجونها من أجسام موتى من الإنسان والحيوان. ماتت بأمراض مختلفة الأجناس بلغت العشرات عداً، وقضوا في هذا ما بين عام ١٨٧٨ وعام ١٨٨٠. كان بحثهم في هذه الفترة به شيء من التخليط، وتحسسهم فيها على غير هدى. ثم شاء القدر أو إرادة الله أن تضع تحت أنف بستور طريقة رائعة للتحصين من الأدواء، ذلك التحصين الذي حلم به طويلاً. ليس في استطاعتي أن أؤدي قصة ما جرى في ذلك بالضبط، لأن الذين كتبوا عن بستور اختلفت رواياتهم فيها، ولأن بستور نفسه لم يشر في كتاباته العلمية إلى الذي حدث، ولم يقل قط إن الذي جرى له في ذلك كان حظاً واتفاقاً. ومع هذا فأنا أقصها على أحسن ما أستطيع، وأسد خللها على قدر الإمكان

ففي عام ١٨٨٠ كان بستور يلهو بتلك المكروبة الصغيرة البالغة الصغر التي تصيب الدجاج فتميته بالداء المعروف بكوليرا الدجاج، وكان الدكتور بيروُنسيتو اكتشفها فوجدها ضئيلة بالغة في الضآلة فلا تُرى المكروسكوب منها غير نقطة صغيرة ترتعد تحت أقوى العدسات، وكان بستور أول باحث استطاع تربيتها نقية، وذلك في حساء صنعه لها من لحم الدجاج، وبعد أن راقب هذه النقطة الراقصة، وهي تتكاثر في هذا الحساء فتبلغ الملايين الكثيرة في الساعات القليلة، قام فأخذ من الحساء قُطيرة فأسقطها على فُتيتة خبز ألقمها دجاجة، فلم تمض ساعات حتى انتهت وقوقة هذا الطائر المنكود ورفض الطعام وانتفش ريشه واستدار فكان ككرة من العِهن. فلما أصبح الصباح جاءه بستور فألفاه يترنح على رجلين ضعيفتين، وعيناه في اغتماض من نوم غامض انقلب سريعاً إلى نوم أبديّ عميق

وقام رو وشمبرلاند على هذه المكروبات الصغيرة يربيانها ويرعيانها تربية الحاضن ورعايتها. فكانا يغمسان عوداً من البلاتين في حساء يعجّ بها، ثم يغمسانه بما حمل من البلل

<<  <  ج:
ص:  >  >>