المقبرة، ثم قل لي إن في كل درج جثماناً. . . وأن الأدراج امتلأت بالموتى ولم يبق إلا اثنان ينتظران ميتين. . .
إنها لمكتبة حافلة! ولكن من يستطيع فك مغاليقها وفض أختامها؟ واخرج بي أيها الدليل إلى مقبرة الفقراء والمساكين الذين لا يقيمون لموتاهم نصباً ولا تماثيل. ولا تقل لي عدد الموتى ولا أعمارهم. . . فإني هنا في حديقة جميلة غناء، بودي أن أقف فيها والشمس الهادئة تغمرني، والجبل الأشم يطالعني، والموتى الساكنون يغسلون بسذاجة قبورهم نفسي. . .
ولكن قل لي أيها الدليل ما بال هذا القبر يبدو عاطلاً من كل حلية.؟ (نعم يا سيدي لأنه قبر رجل غريب!)
أيتها الإنسانية المسكينة! تشبثي بالفروق، وتأنقي في الموت، وتأنقي في الحياة، وأقيمي لموتى الأغنياء قباباً، واحفري لموتى الفقراء لحوداً، ثم انظري آخر الأمر ماذا بقي لديك في يديك؟ الموتى جميعاً أصبحوا (معروضات) في متحف، يرتزق بالتحدث عنهم دليل جاهل، ويتسلى بالنظر إلى صورهم زائر عابر، ولا تبقى وراءهم إلا عبرة في عين، وحسرة في قلب، وعبرة لمن أراد أن يعتبر!