للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كمال الدين بن يونس]

للأستاذ قدري حافظ طوقان

لم يكن عند كمال الدين خبر من أحوال الدنيا، يلبس بلا تكلف، لا يعنى بزي أو هندام منصرفا بكليته إلى العلم بين درسه وتدريسه. تفقه بالموصل على والده وكان ذلك في النصف الثاني من القرن الثاني عشر للميلاد. وفي سنة ٥٧١هـ ذهب إلى بغداد وأقام بالمدرسة النظامية يدرس على السلماني والقزويني والشيرازي فقرأ الخلاف والأصول، وبحث في الأدب على الأنباري، ثم عاد إلى الموصل حيث عكف على الاشتغال بالعلوم الدينية والعقلية والأخيرة كانت غالبة عليه؟ (. . . فكانت تعتريه غفلة في بعض الأحيان لاستيلاء الفكرة عليه بسبب هذه العلوم. . .)، وأخذ من أحد المساجد (في الموصل) مكاناً يدرس فيه عُرف فيما بعد بالمدرسة الكمالية. وبقي كذلك إلى أن توفاه الله في منتصف القرن الثالث عشر للميلاد. . .

ذاع صيته وانتشر فضله (. . . فانثال عليه الفقهاء وتبحر في جميع الفنون وجمع من العلوم ما لم يجمعه أحد. . .)

رجع إليه الملوك والأمراء والعلماء في المسائل العلمية، واستعان به ملوك الإفرنج في ما أشكل عليهم من مسائل تتعلق بالنجوم. فقد ورد إلى الملك الرحيم صاحب الموصل رسول من الإمبراطور فردريك الثاني وبيده مسائل في علم النجوم، وقد قصد أن يرد كمال الدين أجوبتها. فأرسل صاحب الموصل يعرفه بذلك ويقول له (. . . أن يتجمل في لبسه وزيّه ويجعل له مجلسا بأبهة لأجل الرسول، وذلك لما يعرفه عن ابن يونس أنه كان يلبس ثياباً رثة بلا تكلف وما عنده خبر من أحوال الدنيا. . .) فاستعد كمال الدين، وعندما اقترب الرسول من داره بعث من الفقهاء من يستقبله، فلما حضر عند الشيخ (كمال الدين) - يقول أحد الحاضرين وهو من بغداد: نظرنا فوجدنا الموضع فيه بسط من أحسن ما يكون من البسط الرومية الفاخرة (. . . وجماعة مماليك وقوف بين يديه وخدام وشارة حسنة، ودخل الرسول وتلقاه الشيخ، وكتب له الأجوبة عن تلك المسائل بأسرها، ولما راح الرسول غاب عنا (يقول البغدادي) جميع ما كنا نراه؛ فقلت للشيخ: يا مولانا، ما أعجب ما رأينا من ساعة من تلك الأبهة والحشمة، فتبسم، وقال يا بغدادي هو علم. . .)

<<  <  ج:
ص:  >  >>