إن علم النفس - في كلا العصرين المدرسي والإبداعي - لم يصل إلى القول بأن كل شئ في النفس الإنسانية واضح جلي. وكورنيي وديكارت يؤمنان بهذا الوضوح. أما راسين ومدام فايت وروسو فلا يؤمنون إيمانهما
يقول هرميون لأوريست؛
- من قال لك. . . إنني قلت لك إنني قتلت (باروس) ولكن هذا ليس إلا جزءاً من نفسي الذي أبغضه وأريد نسيانه وأريد جزءاً آخر يقول عكس هذا
والأميرة (كلاف) لا تعرف ولا تريد أن تعرف لماذا لم تحب (كلاف) ولماذا أحبت (آخر) بدلا منه. إنها تناضل ولكنها لا تستطيع أن تفسر أسباب هذا النضال
أصحاب المدرسة الإبداعية قد أحبوا الأهواء المضطربة، وملئوا رواياتهم بالمشاعر المظلمة، والنفوس التي يناقض بعضها بعضاً، ولم يجهلوا أن كل شخص إنما هو عالم بذاته بل جملة عوالم مختلفة. ولكن هؤلاء كأولئك قد جربوا أن يعملوا من هذه العوالم عوالم عقلية حيث يمكن النفاذ بوضوح من الأعمال إلى الأسباب. وقد أعطوا أمثلة على ذلك أسلوبهم الذي يعبر - بنظام عن الفوضى - وبوضوح عن التشويش
وهكذا كان علم النفس في المدرسة الاتباعية واضحاً لأنه يرى أن كل شئ يمر بالنفس، وكل شئ في النفس بالشعور. وبين المادتين - سواء تعاكسا أو اتحدا - يمكن دائماً أن نجد مذهباً واضحاً قابلا للتحليل. ولكن هذه النظرية (الديكارتيه) قد تحورت في القرن الثامن عشر (إذ ليس الإنسان ما يريد أن يكونه، أو ما تسمح له نفسه بأن يكون. فالمادة تعمل فيه وتؤثر فيه وهو يحتمل تأثير المناخ والبيئة، وهو يخضع لجسده ولكل ما يؤثر في جسده.