للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

علامة تعجب

في (الرسالة) (رقم ٣٢٩) قصيدة أبياتها أربعة وخمسون وتُزخرفها اثنتان وستون علامة تَعَجُّب، أعان الله جمّاع حروف (الرسالة)! ولا أقصد هنا التمهل عند هذا النحو من أنحاء النظْم الحديثة، فلكل عهد من عهود الشعر المنظوم بالصنعة ذرائع؛ وقديماً استنجد بعض الشعراء ممن قعد خاطره بمحسنات البديع، واستغاث غيرهم ممن جمدت رويَّته بالأغراب والتهويل اللفظي، وفزع طائفة من المحدثين إلى المسخ أو المحاكاة أو المعارضة، ثم هذى الطباعة الحديثة تبذل أسباباً أخرى في طليعتها علامات التعجُّب (أو التنهد أو التحسر).

ولو كان في يدي من أمر (الرسالة) شيء لكنت ضننت على الشاعر بذلك العدد الجارف من علامات التعجب، فأدخرها للقراء أنفسهم إذ آمُر بها فتنثر هنا وهنا في صفحة من صفحات المجلة، فيلتقط منها الملتقط ويختطف المختطف. ألا يحصرنا من مثيرات العجب ما لا يحصيه غير إحصائي حاذق؟ ولو بسطتَ أطراف العجب على ما يبغتك لنفدت علامات التعجب المخزونة في صناديق (الرسالة) مهما غصت بحروف الترقيم. وحسبي أن أتعجب مما صدمني في يوم واحد.

هاتِ علامةً أتعجب بها من معاملة إدارة دار الأوبرة والفرقة القومية وشركة مصر للتمثيل والسينما. فمن المشهور أنها تدعو إلى ما تقيمه الحين بعد الحين من صنوف الفن طائفةً من الصحافيين والنقدة الفضوليين الهاجمين، مداراةً أو تلطفاً، وأنها تدعو زمرة ممن يقال لهم (كبار الموظفين). تدعو هؤلاء وأولئك، وهي تُهمل نفراً من الكتاب المقدمين والنقاد البصراء؛ فإن سألها أحدهم في ذلك قالت له (اقصدني أتفضلْ عليك بتذكرة دخول). فهل غاب عن تلك الإدارات ما يجري في نواحي أوربة المتمدينة؟ ولعل الصديق الأستاذ توفيق الحكيم يرشد تلك الإدارات المختلفة إلى آداب المعاملة الثقافية.

وعلامةً أتعجب بها من خروج مسرحية عنوانها (امرأة تستجدي) على مسرح الفرقة القومية، وقد وصفها ناقد الرسالة خير وصف في العدد السابق. بالله كيف أفلتت هذه المسرحية من مناظير (لجنة القراءة) وفيها من فيها؟ ولِمَ تذيقُ الفرقة رجالها عذاب تمثيل مثل هذه المسرحية وتذيق النظارةَ شهودها؟ هل يدخل هذا في مجاهدات شهر رمضان؟ ألا

<<  <  ج:
ص:  >  >>