نقدنا اليوم خاص بمسرحية (الموكب)، وهي المسرحية الثالثة التي كتبها تيمور باللهجة العامية وأصدرها في مؤلف واحد
وتنفرد هذه المسرحية عن المسرحيتين الأخريين بأنها شاهدت أنوار المسرح وطلعت على الجمهور في المكان اللائق بها. كان ذلك منذ سنتين وتسعة شهور، أيام المواكب والأعياد التي جرت في القاهرة احتفالاً بالمصاهرة السعيدة بين البيت الملكي في وادي النيل والبيت الإمبراطوري في إيران؛ وهو عهد اتجه فيه النشاط الاجتماعي - وذلك في بعض البيئات المصرية - وجهة خاصة لم تدم طويلاً. والأدب من الاجتماع، فكان أن كتب تيمور هذه المسرحية بإيذان تلك الساعات المشرقة، كتبها ليقدمها المسرح المسرحي لوزارة المعارف على مسرح الأوبرا الملكية في الحفلة التي أقامتها الوزارة احتفاء بهذه المناسبة السعيدة.
هي مسرحية سعيدة ولاشك، لأنها كتبت لمناسبة سعيدة، وقام بتأديتها نخبة من الفرق التمثيلية بالمدارس الثانوية، هم طلاب علم وثقافة لا يرون من الحياة إلا جانبها المشرق السعيد؛ فلا غرو أن جاءت مملحة بالمزاح المرح، فياضة بالفكاهة العذبة، تتوالى مشاهدها في إيقاع خفيف جذل.
وهي مسرحية (مناسبة) من حيث الباعث على كتابتها وإخراجها، وروايات المناسبات - كما يدل الاستقراء في تاريخ أدب المسرحية - لا يكون حظها كبيراً من القيمة الفنية ما عدا القليل، ومن هذا القليل هذه المسرحية؛ فقد استطاع كاتبها أن يسمو بها على أدب المناسبات، بأن جعل (المناسبة) شيئاً ثانوياً لا يستأثر بجوهرها، ولا يطغى على الناحية الإنسانية فيها، بل إن (المناسبة) في هذه المسرحية لا تتجاوز أن يكون مطية أحسن المؤلف اتخاذها لإبراز عرض إنساني تضطرب فيها شخصيات عريقة في إنسانيتها، هي تضطرب وتستقر، وتصطفق وتستكين، كاشفة عما بنفسها من ظاهر ومضمر.