وعادت الأسرة إلى موسكو فكان يزورها كل يوم، وما زال أهل الدار ما عدا صوفيا وتاتيانا يعتقدون أن الكونت يتجه بقلبه إلى ليزا. . .
وظل على هذه الحال أسبوعين بعد ذلك لا يقطع زيارته ولا يجمع عزمه على رأي؛ ولقد جاء في مذكراته في السابع من سبتمبر قوله (لقد بقيت يومين بالبيت أفكر على انفراد في أمري لا تدفع نفسك يا دوبلتسكي حيث الشباب والجمال والشعر والحب فإن لهذه أيها الشيخ من هم أصغر منك؛ إن موضعك في صومعة من صوامع العمل حيث تطلع من عزلتك في سرور وهدوء على سعادة الآخرين وحبهم. لقد عشت في هذه الصومعة وسأعود إليها) وأثبت بعد ذلك بيومين قوله (أي دوبلتسكي لا تحلم. . . لقد كتبت لها كتاباً لن أرسله، لم أستطيع أن أتم لمدة ثلاث ساعات؛ لقد حلمت وعذبت نفسي كما يفعل غلام في السادسة عشرة) وقال في اليوم التالي (إني أشعر بالحب أكثر من أي يوم سلف. . وإن الأمل لا يزال في أعماق نفسي يجب أن أحل هذه المعضلة. . . لقد بدأت أكره ليزا وإن كنت أرثى لها. . أعني يا إلهي وأرشدني. . إن أمامي ليلة طويلة فارغة أقضيها، ذلك يؤلمني أنا الذي طالما ضحكت من آلام المحبين! كم ذا رسمت من خطة كي أصرح لها ولتانيا ولكل امرئ ولكن عبثاً حاولت. . . لقد أخذت أزدري ليزا من كل قلبي).
كان مرد هذه الحيرة الشديدة إلى أنه يخشى ألا يكون ما يحسه نحوها حباً كما يكون الحب؛ كان يخاف من نفسه على حد تعبيره، ويزيده خوفاً أنه كلما تدسس إلى شعورها ليتبين ما إذا كانت بها عيوب وجد نفسه منجذباً إليها. .
وفي الثاني عشر من سبتمبر كتب في مذكراته (إنني أحب اليوم على صورة لم أكن أصدقها من قبل. . . لقد بلغ بي الجنون أني أخشى أن أقتل نفسي إذا ما لبثت على هذه الحال. لقد قضيت المساء عندهم؛ لقد بدت لي بهيجة، ولكنني دوبلتسكي القبيح يجب أن آخذ أهبتي وشيكا. لا أستطيع النكوص الآن، ولو أنني دوبلتسكي إلا أن الحب غيرني. لقد سنحت لي فرص ولكني لم أغتنمها. . منعني الخوف، ولكن كان على أن أتكلم في بساطة