للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إني أحب أن أعود إليهم فأذكر كل شئ أمامهم جميعاً)

وفي اليوم التالي كتب يقول (لقد سطرت كتاباً سوف أرسله إليها في غد. . . قوَّني يا إلهي. . . ما أشد خوفي من أن أموت، فأن مثل هذه السعادة تبدو لي مستحيلة. رب أعنيّ وأرشدني)

وقال بعد ذلك بيوم (لم أنم إلا ساعة ونصف ساعة، ولكني على الرغم من ذلك منتعش جد مهتاج) وفي اليوم التالي كتب يقول (أخفقت لم أحدثها. ولكني قلت لها إن لدي شيئاً أحب أن أحدثها عنه)

وذهب تولستوي في مساء السادس عشر إلى آل بيرز وفي جيبه الكتاب الذي أعده والذي لبث في جيبه ثلاثة أيام، وألفى صوفيا جالسة إلى البيان، فجلس إلى جانبها، والانفعال ملء نفسه وبدنه، وأحست انفعاله فسرى إليها قدر عظيم منه فتشاغلت بدور كانت تلعبه قبل مجيئه. ودخلت تانيا فطلبت إليها أختها أن تغني تريد بذلك أن تخفي ما في الموقف من اضطراب. . .

وغنت تاتيانا في صوتها الرائق الحلو، وناداها تولستوي باسم مغنية كبيرة هي مدام فياردو إعجاباً بها، ثم قال لنفسه إذا ختمت تاتيانا لحنها خاتمة جيدة فسوف يعطي صوفيا ذلك الكتاب؛ وكانت تاتيانا موفقة كل التوفيق إذ ختمت لحنها، وانسحبت الشيطانة الصغيرة في لباقة، وقد أحست أنها اللحظة الحاسمة، وما كادت تغادر الحجرة حتى مدَّ تولستوي يده بالكتاب إلى صوفيا قائلاً إنه ينتظر ردها، وتناولته صوفيا بيد مرتجفة، وخرجت به فأسرعت إلى حجرتها وأوصدت الباب وراءها وجلست تقرأ. . (أي سوفيا. . أصبح الأمر لا يطاق؛ لقد ظللت أقول لنفسي طيلة ثلاثة أسابيع سأبوح لها الآن، ومع ذلك كنت أخرج كل مرة وفي نفسي مزيج من الحزن والأسف والرعب والسعادة! وكنت أنظر كل ليلة نظرة إلى الماضي فأسخط على نفسي أن لم أبح لك وأسأل نفسي ماذا عساي كنت أقول لو أني تكلمت. . . لقد ظننت أني أستطيع أن أحبكم جميعاً كما أحب الأطفال، وكنت في أفتسى لا زلت أستطيع أن أقطع ما بيني وبينكم وأعود إلى خلوتي، إلى عملي الذي يشغل وقتي كله. . ولكني الآن لا أستطيع شيئاً. أشعر أني أحدثت في بيتكم شيئاً من الاضطراب، وأن صداقتكم لي كما تصادقون رجلا شريفاً قد لحقتها بعض الشوائب، ولذلك لا أستطيع

<<  <  ج:
ص:  >  >>